صورة إسرائيل في المشهد الجديد..
وهب الله القدس هذا الجمال الموشح بالتاريخ المقدس ، وهي منذ بداية الازل بوابة الحرب وبوابة السلام في المنطقة ، كما تمثل القيم الروحية والانسانية والاخلاقية التي سقطت فيها اسرائيل منذ الامتحان الاول.
تصدرت القدس نشرات الاخبار طوال الاسبوع ، بسبب الاعتداء على المصلين واقتحام الاقصى ، وطرح مشروع خطير يهدد باقتحام واقتسام الاقصى رغم ما يمثله من قدسية للفلسطينيين والعرب والمسلمين. ويأتي المشروع ضمن مخطط استيطاني صهيوني تهويدي واسع استهدف القدس الشرقية التاريخية المقدسة ، كما كل اراضي الضفة المحتلة ، لمنع قيام الدولة الفلسطينية ، وانهاء مشروع حل الدولتين بشكل قطعي ونهائي.
المتطرفون في اسرائيل يمثلون غالبية الجمهور الاسرائيلي ، وهم يؤمنون ان اسرائيل خلقت من رحم حروب تتناسل ولا تنتهي ، كما يعتقدون انهم وصلوا الى نهاية الطريق ، وهم اختاروا ، على ما يبدو ، عقيدة الانتحار بالحرب ، بدل العيش بسلام ، لانهم يرفضون الاندماج بمحيطهم ، في اي زمان او مكان ، ولأنهم ما زالوا اسرى عقدة المسادا (مسعدة) ، ويعانون من مشكلة وجودية يجددها وينعشها الاحساس باحتلال ارض الغير ، في حالة الوعي واللاوعي.
ودوام الهروب الاسرائيلي الى الامام ، اي باتجاه خيار الحرب والمواجهة العسكرية ، والاستمرار في بناء مجتمع الحرب ، سببه الاطماع التوسعية ، وكذلك الاحساس المتزايد بالعزلة ، وقد زاد هذا الاحساس الواقعي في زمن حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو الذي تحرك اكثر باتجاه المتطرفين في حكومته وخارجها.
ولكن صمود الشعب الفلسطيني ، واستمرار الدق على جدران الصمت العربي والعالمي ، ايقظ العالم على صورة جديدة ومشهد جديد في المنطقة ، رغم انشغال العالم في الحرب على داعش والارهاب. فقد صحا ضمير العالم ليشهد سقوط حكومة نتنياهو في امتحان اللعبة الاخلاقية والانسانية بامتهانها الدائم لحقوق الانسان ، وخروجها وتمردها على القوانين والشرائع الدولية ، والاصرار على افشال حل الدولتين ، والاستمرار في النشاط الاستيطاني ، واهتمامه الاكبر والاكثر في مشكلة امن اسرائيل ، الذي دفع جيشه للافراط في استخدام القمع والعنف والارهاب ضد الشعب الفلسطيني ، على حساب صورة اسرائيل وديمقراطيتها المزعومة.
كان العالم ، بقيادة الولايات المتحدة ، مشغول دائما بالبحث عن وسائل لايجاد حل لمشكلة امن اسرائيل ، ولكنه الان فقد القدرة على الدفاع عن ممارسات ومواقف وخطط اليمين الحاكم في تل ابيب. فقد بدأت الدول الاوروبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، لقناعتهم بان اسرائيل افشلت كل الجهود الدولية المبذولة لايجاد حل سلمي للصراع العربي الاسرائيلي ، وان حكومة نتنياهو تحاول اغتيال فكرة الدولة الفلسطينية ، التي بات يسأل عنها العالم ، كما اغتالت حرية واستقلال الشعب الفلسطيني وحرمته من حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق تقرير المصير.
وامام هذه المستجدات يرى العالم ان على نتنياهو ان يختار بين الحرب او السلام ، وبين يهودية الدولة او ديمقراطية الدولة. الحقيقة ان العدوان على المقدسات الاسلامية والمسيحية وضع اسرائيل في مأزق جديد قادها الى المزيد من العزلة ، وعلى الدول العربية ان ترفع صوتها لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الداخل، وكذلك دعم الجهود الاردنية الرسمية والشعبية في حماية المقدسات ومواجهة المخطط الاسرائيلي العامل على تهويد القدس العربية المحتلة .