الاردنيون يقرأون الملك..!

أخبار البلد - 

ليس غريبا ان يستقرىء الاردنيون ما سيقوله مليكهم في خطاب العرش قبل ايام افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس النواب السابع عشر. فجلالة الملك عبدالله الثاني دائما معهم والى جانبهم في الاستماع الى شكواهم وملاحظاتهم وارائهم، وقبل عامين رسما معا خارطة الطريق للعبور بالاردن الى بر الامن والاستقرار وحماية امنه الوطني.

قبل القاء جلالة الملك خطاب العرش بيوم، يبدو ان الصدفة قادتني الى ثلاثة اماكن مختلفة كان يتحدث فيها الناس عن خطاب العرش وماهية الرسائل التي سيوجهها قائدهم وراعي مسيرتهم لتحقيق ما اتفقوا عليه يوم زحفوا الى صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية الماضية.
وجميع من سمعتهم اكدوا ان الملك سيحذر الحكومة « ان شعبه خط احمر» وانه يجب ان يشعر بتحسن ظروفه المعيشية وان جلالته لن يصمت امام كل من يحاول « تقزيم» المنجزات الوطنية التي تحققت على كافة الصعد رغم النيران الملتهبة المحيطة بالوطن.
وبعد ساعات، صدق حدس الاردنيون وهو يتابعون خطاب مليكهم. فجلالته قال للحكومة « لا فائدة من وجود برامج لإصلاح القطاع العام، بما فيها مشروع الحكومة الإلكترونية، ما لم يلمس المواطن تحسناً نوعياً في الخدمات المقدمة إليه».
ولإحداث نقلة نوعية وإصلاح جذري في الخدمات التعليمية والصحية، ركز جلالته على اجراء حوار وطني تشارك فيه جميع المؤسسات الوطنية المعنية، للحفاظ على مكانة الأردن الريادية في هذه المجالات الحيوية المهمة.
وحتى يكون الاردن انموذجا في العدالة والمساواة، يرى الملك ان تحقيق ذلك يتطلب احداث قفزات نوعية على ممسار الإصلاح السياسي من خلال ترسيخ نهج الحكم المحلي عبر إنجاز قانون البلديات واللامركزية أولاً، ومن ثم الانتقال إلى قانون الإنتخاب، وان تطور المؤسسة التشريعية ذاتها بالتوازي مع مخرجات الخطة الوطنية لحقوق الإنسان.
ولان الإصلاح لن يتحقق بدون احترام الحقوق وصون الحريات كما يقول جلالة الملك، فالمطلوب التزام جميع مؤسسات الدولة بتعزيز ثقافة التميز والشفافية والمساءلة وتطبيق الميثاق الوطني للنزاهة ووضع التنظيم المؤسسي لتعزيز منظومة النزاهة، وفق التوصيات التي ستقدمها اللجنة الملكية لتقييم العمل ومتابعة الإنجاز.
في خطاب العرش، وضع الملك حدا لكل من يحاول التقليل من حجم المنجزات التي حققها الاردنيون رغم كل الظرف الاقتصادي الداخلي الصعب والمخاطر التي تهدده من الخارج.
لقد وجه جلالته الانظار في خطابه السامي الى ذلك الجزء الاكبر المملوء من « كوب « تضحيات الاردنيين من اجل تعزيز مسيرة البناء والذي حاول اصحاب الاجندات الخاصة اخفاءه بشعارات زائفة كان هدفها قلب الامور رأسا على عقب.
في تلك الساعات التي سبقت خطاب العرش، استحضر الاردنيون الحراك الملكي خلال 365 يوما ماضيا، ولم يجدوا فيها الا ما يؤكد ثبات قيادتهم وبلدهم على مواقفها وهو ما اكده جلالته امام السلطة التشريعية في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس النواب وقبل ذلك المحافل الدولية والعربية والمحلية بان القضية الفلسطينية اولوية وطنية ومصلحة عليا وحماية المسجد الاقصى مسؤولية اردنية وان الاردن دائما مع الحوار واحترام الاخرين وضد سياسات الاقصاء والتهميش.
ما تحدث به سيد البلاد امام الاعيان والنواب، لامس ما يفكر به كل اردني من اجل حفظ الامن الوطني بضرورة مكافحة الارهاب وعزز ثقة الاردنيين بقواته المسلحة الباسلة والمرابطة على الحدود الشمالية والشرقية التي صدت تلك المحاولات العبثية من تنظيمات الاحزمة الناسفة والقنابل العمياء لزعزعة امن المواطن، وكذلك اجهزته الامنية والمخابرات العامة التي تمكنت من تفكيك خلايا ارهابية كانت تخطط لاعمال تدميرية وتخريبية وقتل للابرياء.
ما يريده الملك ان يحافظ الاردنيون على وحدتهم وان يكونوا مثلا في التأخي بين ابنائه وبناته مسلمين ومسيحين، متكافلين متحابين، صناديد في مواجهة الارهاب والتطرف.
الملك قال انه لن يسمح لما يجري في الاقليم ان يعطل مسيرة التنمية والاصلاح، فهل وصلت الرسالة...؟