عندما تعبث فينا «الكازيّات»
مشكلتي إنني أصدق الاجراءات الحكوميّة ..صدّقوني على الرغم من كلّ شيء فإنني أصدقها ..لا أعرف ..قد يكون الدافع الحقيقي دائماً لي هو : إنني أريد أن أصدقها ..لذا ركبتُ سيارتي آمناً مطمئناً من عمّان إلى قريتي الكرامة في الغور و أنا أثق بـتوفر «بنزين 90» في كل كازيات الطريق ..وبالذات الكازيات الكبرى..
كنتُ أعلم أن البنزين الذي في سيارتي لا يكفيني ذهاباً وإياباً ..بل يجعلني أتمتع بشتاء الوطن و مشاهده المترددة بين الضباب و الشمس في ساعة من الزمن فقط ..ولم أكن اعلم أن بعدها ستبدأ معاناة مواطن أردني مع الاوكتان التسعين ..
الكازية الأولى أخرجت «فرود» الكابينات بطريقة توحي لك أنها (بح أبيش ) ..وفعلاً كانت ( بح أبيش ) ..سألت العامل المصري : ليش ما فيش ؟ ضحك قائلا: أصلهم حينزلوا السعر ..! غادرتها وأنا أفكر في أمر واحد ..عندما كانوا يريدون رفع السعر لم تنضب كازية من البنزين ..عندما كان الأمر غنيمة لهم لم يحدث هذا ..!!
الكازية الثانية و الثالثة حتى وصلت الغور ..نفس الشيء ..نفس النضوب ..نفس المصري (بشكل و اسم آخر) ..نفس سؤالي ..نفس الضحك ..ونفس الجواب ..شعرتُ بعدها بأنني أهبل ..وأن سؤالي سؤال واحد درويش على باب الله ..
قضيتُ الوقت عند أمّي و أبي ..وبدلاً من أن أعيش جلسة عائلية دافئة ..مستمتعاً بجو فائق الروعة بالغور ..كنتُ متنكداً قلقاً تشتغل بداخلي عواصف من الغضب ..كيف بدّي أروّح على عمّان ..؟ ولماذا يحدث معي ومع مئات أو آلاف مثلي مثل هذا الموقف لأن صاحب الكازية يريد أن يربح أكثر ولو على حساب مخلوق اسمه «المواطن الأردني»..هو يربح ..والأردني يتشحطط مش مشكلة ..!! هو يربح و الأردني يُترك مقطوعاً في شارع لا يعرف فيه أحد ..!! أما ما دخل الحكومة التي ذكرتها في البداية ..فلأن كل ذلك يجري تحت سمعها و بصرها ولا منتصر لهذا المواطن الأردني القابع تحت رحمة الله..
هم يربحون ونحن ننزف خسارة كلّ يوم.