نهر الأردن مهدد بالجفاف بسبب الإستخدام الجائر من قبل إسرائيل

 مجرى ضئيل من المياه الملوثة هو كل ما تبقى من نهر الاردن التاريخي المهدد بالاضمحلال خلال عدة سنوات ان لم تتخذ تدابير لانقاذه.. ان النهر الذي عمد فيه السيد المسيح وفق الانجيل؛ تحول الى مجرد مجرى مائي ضئيل لدى خروجه من بحيرة طبرية بعد ان جففه الاستغلال الجائر ودمره التلوث.

اسرائيل تقوم بتحويل 98% من مياه النهر الى أراضيها. والأردن وفلسطين 2% فقط، وتستفيد سوريا من مياه اليرموك، احد روافد نهر الاردن. إن النهر الذي كان يصب مليار و300 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنويا في البحر الميت، لم يعد يحمل اليه سوى 20 الى 30 مليون متر مكعب، الامر الذي يؤدي الى انحسار مياه البحر الميت وتدني مستواه بمعدل متر كل سنة في هذه المنطقة الاكثر انخفاضا في العالم.

من جهة ثانية؛ المياه المتبقية في مجرى النهر تاتي من مجاري الصرف ومزارع تربية الاسماك او انها مشبعة بالاملاح، وحذرت جمعيات بيئية من انه في غياب تحرك ملموس سيبدأ النهر بالجفاف خلال السنوات القادمة إن لم تتنبه الدول المحيطة بالنهر من هذا الخطر المحدق.

لقد أقدمت اسرائيل على إنشاء سد يمنع تدفق المياه من بحيرة طبرية الى النهر، والى الجنوب من السد تتدفق مياه الصرف الصحي في النهر. ويلقي نحو 340 الف نسمة يعيشون حول البحيرة مياههم المستعملة في نهر الاردن. وتشكل بحيرة طبرية اكبر خزان مائي في اسرائيل لكن مستواها ينخفض كذلك من سنة لاخرى لذلك تستغل إسرائيل نهر الأردن أبشع استغلال للمحافظة على مياه البحيرة.

بالرغم من المستوى المنذر بالتلوث، يأتي الالاف سنويا للتعمد بمياه نهر الاردن، غير آبهين بالمخاطر الصحية التي يتعرضون لها. وترى جمعية اصدقاء الارض ان الوسيلة الوحيدة لانقاذ نهر الاردن هي في وقف سحب المياه بصورة جائرة من النهر وفي صب كميات كبيرة من المياه العذبة في مجراه السفلي، ويجب على اسرائيل ان تسهم في القسم الاكبر من ذلك لانها تسحب كميات كبيرة من المياه من النهر وكذلك نظرا للتطور التكنولوجي الذي حققته.

الاستخدام الجائر للنهر لم يؤثر على جودة المياه، أو اضمحلالها، أو فقدان كميات هائلة من المخزون الاستراتيجي للنهر بل إن الاستغلال الجائر لمياه النهر تسبب بفقدان قرابة 50% من الانواع الحية سواء في النهر او على ضفافه.

إقرءوا خطة جونستون عام 1955 لتقسيم مياه نهر الأردن من وجهة النظر اليهودية، وتمعنوا جيداً بهذه النقاط ..

أولاً: لم يذكر الكاتب الصهيوني كلمة فلسطين في الخطة وكأنها غير موجودة على الإطلاق، ورفض الإشارة الى فلسطين وأن لشعبها الحق في مياه نهر الأردن بالرغم من أنها موجودة واعتبرها من ضمن أملاك الأردن؟ ربما استند الكاتب الى الوحدة التي كانت قائمة بين الشعبين، إذ كان يطلق على الأردن حتى عام 1988 تاريخ فك الإرتباط القانوني والإداري اسم؛ المملكة الأردنية الهاشمية بضفتيها الشرقية والغربية؟

ثانياً: يقول الكاتب اليهودي أن مياه نهر الأردن تصب في طبريا وهذا غير صحيح؟ بل يجب أن يقول أن اليهود حولوا مياه النهر الصالحة الى طبريا؛ وأخرجوها لتصب مرة أخرى في النهر لكنها غير صالحة لا للشرب ولا للزراعة بسبب الملوثات، والمكبات، والنفايات والمجاري التي تلقى فيها.

ثالثاً: يعترف أن النهر طاقته الإستيعابية حوالي مليار وثلاثمائة مليون متر مكعب في العام، وضمن خطة جونستون يحصل الأردن وفلسطين على 56 % وسوريا ولبنان تحصلان على 13 % من مياه النهر، وإسرائيل تحصل على البقية وتشكل 31 % من مياه النهر.

لم تكتفي إسرائيل بحصتها التي رفضتها الدول العربية بعد تعديلات الولايات المتحدة الأمريكية على خطة جونستون، ووافقت عليها المملكة الأردنية الهاشمية، فقامت إسرائيل باحتلال الجولان لعدة أهداف كان من أهمها: السيطرة على منابع مياه نهري الأردن واليرموك.

ماذا نعرف عن مشروع جونستون: إنه خطة أمريكية وضعت عام 1953 لتقسيم وتحديد حصص مياه نهري الأردن واليرموك بين سوريا والأردن وإسرائيل ولبنان. تشكل مياه نهري الأردن واليرموك مصدرا بالغ الأهمية بالنسبة لثلاث من الدول الأربع المتاخمة لحوضه, هي الأردن وسوريا وإسرائيل, وبدرجة اقل بالنسبة للبنان. معروف أن معدل كمية المياه المتدفقة في نهري الأردن واليرموك معا, تبلغ حوالي مليار وثلاثمائة مليون متر مكعب في السنة. وهذه الكمية, التي هي قليلة أصلا, تنخفض إذا تعرضت المنطقة للجفاف وانحباس الأمطار خلال موسم الشتاء.

قبلت كل من الأردن وإسرائيل بمشروع (جونستون), ورفضه كل من سوريا ولبنان, بداعي أن القبول بهذا المشروع قد يشكل اعترافا ضمنيا بدولة إسرائيل. وعليه لم تخرج بنود الخطة الخاصة بالمشاريع المائية المشتركة التي تطلبت التعاون بين سوريا والأردن وإسرائيل. بل ان سوريا عمدت إلى تنفيذ مشروع تحويل مياه اثنين من روافد الأردن, هما البانياس والحاصباني, لغرض منع مياههما عن إسرائيل, الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات مسلحة بين سوريا وإسرائيل، وأُحبط هذا المشروع كليا, في أعقاب اندلاع حرب 67 واستيلاء إسرائيل على هضبة الجولان.

ويشار أخيرا إلى انه رغم عدم قبول مشروع (جونستون) من قبل سوريا ولبنان, فان حصص المياه التي حددها مشروع جونستون للدول الأربع, ظلت تشكل قاعدة يتم الاستناد إليها في أي مشروع لتقاسم مياه نهري الأردن والبانياس بشكل عادل دون أن تجلس الدول المحيطة بنهر الأردن وتوافق على التقسيم، وخلال معاهدة وادي عربة وقعت الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية على اتفاق جديد يحدد الحصص ضمن إطار اتفاقية السلام.

الكاتب الصحفي تحسين التل: رئيس تحرير وكالة نيرون الإخبارية..