الذرائع المصرية لتصفية القضية


لا نظن أن مصر بحاجة إلى اختلاق الذرائع والحجج من أجل تشديد الخناق على قطاع غزة، وتجويع الغزاويين وحرمانهم من كل ما من شأنه إبقاءهم على قيد الحياة، وصولاً إلى تركيع المقاومة الفلسطينية وتجريدها من سلاحها ومن شرعيتها التي اكتسبتها بدماء ابنائها الذين مرغوا انف الكيان الصهيوني في الوحل، وجعلته يجر أذيال الخيبة والهزيمة.

نعم، ليست مصر السيسي بحاجة إلى كل ذلك، فهي قد أظهرت منذ توليها الحكم بانقلاب عسكري على الشرعية عداء واضحاً وصريحاً لحركة المقاومة الفلسطينية، وتعاوناً وثيقا مع الكيان الصهيوني من خلال هدم الأنفاق وإغلاق المعابر ومنع وصول المساعدات والوفود المتعاطفة مع المقاومة إلى قطاع غزة في سابقة لم تشهد لها مصر مثيلا حتى في ايام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

حادثة مقتل الجنود المصريين في سيناء هي واحدة من الذرائع المصرية، وليست آخرها، لتنفيذ مخططها الرامي الى تصفية القضية الفلسطينية بتوجيهها أصابع الاتهام زوراً وبهتاناً الى المقاومة الفلسطينية وإلصاق تهمة الإرهاب بها من أجل حشد الشارع المصري ضد الشعب الفلسطيني وصرف أنظار المصريين عن الأوضاع السياسية والافتصادية والاجتماعية المتردية التي وصلت إليها مصر نتيجة للانقلاب على الثورة المصرية والعودة بمصر إلى حكم الاستبداد وقمع الحريات والقضاء على بذرة الديمقراطية التي كادت أن تثمر خيراً لولا تدخل العسكر وسيطرتهم على الحكم من خلال انقلاب عسكري مدان داخلياً وخارجياً.

المتهمون بقتل الجنود المصريين ليس بينهم فلسطيني واحد، جميعهم مصريون، ولا يمكن حتى لطفل صغير أن يصدق بأن شعباً محاصراً براً وبحراً وجواً يتورط في أعمال كهذه وهو يعلم علم اليقين أن متنفسة الوحيد هو البوابة المصرية وأن مصلحته الوطنية تقتضي التعايش مع عمقه العربي من أجل بقائه على قيد الحياة.

للحكومة المصرية خبرة طويلة في الصاق التهم بالجهات الخارجية، خصوصاً حركة حماس، التي تزعم الحكومة المصرية أنها تشكل تهديداً لاستقرارها الداخلي وأمنها الوطني، وما حادثة كنيسة القديسين في الاسكندرية وإدانة الرئيس محمد مرسي بالتخابر مع حماس إلا شاهد ودليل على ضلوع المخابرات المصرية في توجيه التهم جزافاً الى المقاومة الفلسطينية بهدف حصارها لقطاع غزة، ومن ثم تعاونها مع المخابرات الصهيونية بحجة محاربة الإرهاب، وتبرير حملتها الوحشية على سكان سيناء وهدم بيوتهم وتشريدهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الانسانية كمواطنين مصريين إلا إذا كانت الحكومة المصرية تعتبرهم غير مصريين، وأغلب الظن أنهم ليسو كذلك بالنسبة للحكومة المصرية.