لماذا فضلت قطر الاستثمار في بريطانيا عوضا عن أمريكا؟

اخبار البلد -   محمد علاونة
ليس من الصحي تفاقم الاستثمارات العربية في الخارج، وبخاصة إذا كانت على حساب تدفقات النقد والسلع المتبادلة بين الدول العربية ذاتها، إذ يقدر اتحاد رجال الأعمال العرب حجم الاستثمارات العربية في الخارج بنحو 15 تريليون دولار.

لكن إن كان ولا بد وتحديدا بالنسبة للدول الخليجية التي لا تملك الإنتاجية الفعلية والحقيقية واعتمادها الرئيس على النفط وملحقاته، يجب أن يكون الاختيار دقيقا في الاستثمار في الخارج وقراءة المستقبلين القرب والبعيد لتلك الأموال.

فضلت قطر بريطانيا على الولايات المتحدة الأمريكية في استثماراتها الخارجية، فصندوق الاستثمار السيادي القطري الذي تبلغ موجوداته نحو 100 مليار اختار أن يضخ 40 مليارا منها في بريطانيا، مع وجود نحو 450 شركة تعمل في السوق القطرية، من بينها عملاق صناعة النفط «شل» التي تتجاوز استثماراتها وحدها في قطر 21 مليار دولار.

يعرف عمالقة الاقتصاد أن أمريكا تتجه نحو المجهول ليس في التعاطي السياسي فقط بل الاقتصادي، فهي الدولة التي تطبع إلى ما لا نهاية الدولارات كل وقت وبسبب فك الارتباط كليا ما بين الاقتصاد الفعلي المتمثل بإنتاج واستهلاك السلع والخدمات، وبين الأوراق المالية المتبادلة في الأسواق العالمية، فإن تلك الدولة لن تعد المسيطر في سوق المال العالمية.

وإذا كانت دول الخليج متهمة بشهيتها المفتوحة على الاستهلاك وعدم الالتفات إلى ضخ مزيد من الأموال في مشاريع انتاجية تقيها قسوة انخفاض اسعار النفط عالميا، استطاعت قطر أن تعكس المعادلة باستثمارها في مناح استهلاكية في بريطانيا، فمثلا يعتبر برج «ذا شارد»، في لندن، من أبرز الاستثمارات القطريّة في لندن، إلى جانب سلسلة متاجر «هارودز» الشهيرة، والتي اشترتها قطر مقابل 2.4 مليار دولار، وسلسلة متاجر التجزئة «سينسبري»، التي تملك قطر نسبة 26 في المئة منها، فضلا عن مجمع «وان هايد بارك»، الذي يعد أغلى مجمع عقاري في العالم، وحصته تساوي 20 في المئة في سوق لندن المالية، وشركة «كامدن ماركت» العقارية، إضافة إلى حصة 20 في المئة في شركة «بي أي أي» المالكة لمطار هيثرو.

كنا نتمنى أن تتضاعف أحجام التجارة البينية العربية وتبادل الاستثمارات لما سيكون له انعكاس على شعوب تلك الدول التي تشكو الفقر والبطالة، وكنا نتمنى أيضا أن تكون الاستثمارات العربية في الخارج في مسارات صحيحة، تمكنها يوما بأن تكون طرفا في صياغة نظام مالي عالمي جديد بعد أزمات الأسواق المالية العالمية من خلال طرح أدوات مالية تساهم بإعادة المال العربي المستثمر في الخارج إلى الوطن العربي، أو على الأقل ان يحذو حذو قطر.