المحامي فيصل البطاينة يكتب: ماهية الملكية الدستورية

اخبار البلد- تتعالى بعض أصوات النشاز في هذه الأيام لتطالب بالملكية الدستورية حسب تفسيرهم الشخصي لا حسب التفسير الدستوري لهذه العبارة التي طالب بعضهم بأن تكون الملكية الدستورية في بلادنا على غرار بريطانيا الملك يملك ولا يحكم اولئك النفر المنادي بهذا الشعار لا اعتقد أ نهم يعرفون شيء عن القوانين والنظم الدستورية مثثلما لا يعرفوا ان بريطانيا لا يوجد لديها دستور مكتوب وقبل الحديث بهذا الموضوع لا بد من توضيح أمر غاب عن بال كل من نادى بهذه الشعار ان كان يجهل او يتجاهل ماهيته ذاك الأمر الذي يتلخص بأنواع الدساتير في العالم. فهناك الدساتير المكتوبة وهناك الدساتير العرفية غير المكتوبة وهناك دستور عرفي وعرف دستوري وهناك دستور مرن ودستور جامد اذا عرف المطالبون بالملكية الدستورية هذه البديهيات في القانون الدستوري ربما سيتوقفون عن شعاراتهم الجوفاء التي هي وسيلة لاغاية في نفس يعقوب .

 

وعودة للموضوع فإن صفات الدستور الاردني أنه دستور مكتوب محدود النصوص يتألف من مائة وواحد وثلاثون مادة بعكس ما هو واقع في بريطانيا التي لا يوجد لديها دستور مكتوب وانما اعراف دستورية تعارفوا عليها جعلت من دستورهم دستوراً عرفياً .

كما أن دستورنا هو دستور مرن يجوز تعديله بالطرق الواردة به كلما اقتضت الضرورة لتعديله بعكس الدستور البريطاني الذي هو دستور جامد لا تعديل عليه منذ سارت عليه بريطانيا بعكس دستورنا الذي جرى عليه ستة وعشرون تعديلاً استوجبتها الظروف بالإضافة الى امكانيات التعديل من خلال العرف الدستوري الاردني كما جرى حين تجاوز التعديل  النص الوارد في بعض مواده على طريقة تصويت الوزراء حينما يكونوا نواب أو اعيان فاجاء العرف الدستوري منذ سنة 1994 بعدم السماح للنواب والأعيان أن يصبحوا وزراء  أثناء مدة نيابتهم أو عينيتهم وهذا العرف أستقرت عليها حكوماتنا منذ عشرين عاماً تقريباً .

 

وعودة الى الدستور الاردني المكتوب والمرن والذي عدل ويعدل بالطرق المشروعة كلما احتاج لذلك فلابد من الاشارة الى ان هذا الدستور قد قام على مبدأ فصل السلطات متحققاً الي ان جرت بعض تلك التعديلات التي اخلت بهذا المبدأ ، أما نتيجة لإجراء هذه  التعديلات واما نتيجة لعدم تفعيل وتطبيق الدستور وتجاوزه واما نتيجة لقرارات المجلس العالي لتفسير الدستور التي لم تتلائم مع الدستورية واما نتيجة لاصدار قوانين مخالفة للدستور أثرت على هذا المبدأ كقانون أستقلال القضاء.

 

 وبرأيي القانوني ان عدم وجود محكمة دستورية كان السبب الرئيسي في افساح المجال لمن يريد ان يتجاوز على الدستور ولمن يحاول عدم تفعيله او تفسيره تفسيرا مخالفاً لروح النص ومرتكزاته .

 

وخلاصة القول فإن انشاء محكمة دستورية وتفعيل دستور 1952 ومراجعة التعديلات التي طرأت عليه والغاء التعديلات التي زالت مسبباتها أو تعارضت مع مبدأ فصل السلطات وبعد ذلك اصدار قانون لاستقلال القضاء يكون به القضاء مستقلاً استقلالاً كاملاً بما فيه الاستقلال المالي والاداري كما هو الحال في مجلس الأمة بشقيه نكون قد وصلنا الى الإصلاح الدستوري المنشود بدون المزايدات بشعارات جوفاء كإصلاح النظام او تغيير الدستور او سحب الصلاحيات من الملك وغيرها من الشعارات التي ينادي بها أصحاب الاجندات المشبوهة الذين يتعامل معهم النظام برفق ولين ويمدهم مادياً وعنوياً والذين يستغلوا الحلم ويعتبروه ضعفاً.

 

اذا تحقق ذلك الاصلاح الدستوري عندها تسهل مهمة السلطة التنفيذية بتحقيق الرغبة الشعبية والملكية بإصدار القوانين الناظمة للحريات والتي تخضع لمراقبة المحكمة الدستور التي يتوجب على المشرع الاردني اقرار وجود هذه المحكمة فوراً، ومن ثم تكون هذه القوانين الناظمة للحريات  وعلى رأسها قانون الانتخاب الذي لابد وان يجري بشفافية تحت اشراف القضاء المستقل الذي يشرف على الانتخابات والذي سيكافح الفساد ويقضي على الفاسدين ولا يقضي لهم كما يجري في هذه الايام ، كما انه اذا فعل الدستور الاردني لن تكون للسلطة التنفيذية حماية من المسائلة حتى لو نفذت هذه السلطة اوامر الملك الشفوية او الخطية اذا كانت مخالفة للدستور وذلك حسب نص المادة 49 من الدستور التي تنص على ما يلي ((اوامر الملك الشفوية و الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم)).

 

حمى الله الاردن والاردنيين في وطنهم الذي لا يرضون بجنة الفردوس عنه بديلاً وبملكيتهم الدستورية التي قادتهم الى شاطئ الامان على مدى الأيام وبدستورهم المرن المبني على مبدأ فصل السلطات التي أقسمت جميعها على المحافظة عليه سنداً للمادة 80 منه . وان غداً لناظره قريب