الحياة داخل حذاء

أعرف صديقاً مجنوناً، أخرج «ذات قلق» فيلما سينمائيا قصيرا، عندما كان يدرس السينما في احدى الجامعات العربية، تدور أحداثه داخل حذاء. ويروي الحذاء، عفوا الفيلم، حكاية مواطن عربي يحيا داخله: يأكل، يجلس، ينام، يتمطى، يقرأ الصحف وينام. وعندما يمل من فعل كل ذلك، كان يتريض في الهواء الطلق، يتنشق النسيم العليل داخل الحذاء. بيد أن البطل مل حياته تلك، واجتاحه السأم والتشاؤم، لدرجة ان فكر مرة، ومعه حق، بالانتحار.
فتش أولا عن عن أداة حادة يقطع بها شريانه فلم يجد. جرب أن يضرب رأسه بالجدار عله يتهشم. لكن رأسه ما فتئ يرتد عن جدار الجلد، سليماً. هداه تفكيره اخيرا الى ان يشنق نفسه، غير أنه لاحظ متأسفاً، أن الحذاء الذي قدر له العيش فيه، كان بلا رباط.
جن جنون البطل، ودفعه اليأس لأن يحاول خنق نفسه بيديه العاريتين، فلم يفلح.
في النهاية.. عجز عن الانتحار، وجلس في ركن، حزينا ومحبطاً. بدت سحنته في تلك الحال اكثر شبها بــ»بوز» الحذاء.
انتهى الفيلم بهذه اللقطة، كما أمر المخرج، الامر الذي حكم على صديقي بالفشل في دراسة الاخراج السينمائي، فسارع فور عودته الى وطنه الى افتتاح محل للأحذية الاوروبية المستعملة.. ونجح في ذلك.