مستقبل العلاقات الأردنية – الإيرانية
ما الجديد في العلاقات الأردنية الإيرانية بعد سنوات من حالة شبه قطيعة،
السفير الإيراني الجديد في عمان وخلال أسابيع قليلة من بدء عمله استطاع لفت
الأنظار إليه من خلال نشاطه السريع وحجم الجَزر الذي ألقاه في الطريق على
شكل وعود سياحية ونفط وطاقة، فيما ينتظر أن يلتحق السفير الأردني الجديد
بعمله في طهران هذا الأسبوع بعد أن شغر هذا الموقع منذ سنوات طويلة.
بعد
سنوات طويلة من التحالف مع نظام الشاه في طهران تبدلت العلاقات مع عمان؛
مرة على شكل دبلوماسية حذرة ومرات خصومة لم تصل إلى مستوى العداء على الرغم
من موقف الأردن المعروف من الحرب الإيرانية العراقية، فيما بقي الأردن
يحافظ على مقعده المتقدم في المحور الاقليمي الرافض للسياسات الإيرانية
التي عادة ما توصف بفكرة تصدير الثورة ونشر التشيع السياسي، فقبل ان يطلق
الملك عبدالله الثاني عبارته الشهيرة حول الهلال الشيعي في عام 2004 التي
صدقت وأصبح لدينا أهلة شيعية، بقيت خيارات الأردن محاصرة بمحددات المحاور
والتحالفات الإقليمية.
امام السفير الأردني الجديد في طهران عبدالله
أبورمان الذي سيلتحق بعمله هذا الأسبوع، مهمة ليست سهلة، الجزء الأكبر منها
جس النبض وإعادة اكتشاف خرائط السياسة والمصالح مع إيران بعد أن تغيرت
خرائط المنطقة وجرت مياه ساخنة من تحت الكثيرين، ففي الوقت الذي يدرك
الأردن الرسمي مدى الحاجة الى تنويع خياراته في السياسة الإقليمية وخلق بعض
التوازنات تحديدا بعدما اتسمت تحالفات الأردن التقليدية بخيبات أمل متكررة
وتردد وعدم وضوح خلال السنوات الاخيرة، ولكن كل هذه التحولات في المجمل
لم تصل إلى درجة تدفع الأردن للبحث عن استدارة واسعة في هذه العلاقات،
والهدف العاجل من المرجح فتح الباب مع طهران بعدما أغلق منذ عام 2008، سنة
مغادرة آخر سفير أردني للعاصمة الإيرانية.
إيران ليست دولة دينية
تقليدية، فهي تقدم أنموذجا مختلفا لعقلانية سياسية تجمع بين الدولة القومية
التي تستخدم الرؤية الدينية أداة من ادواتها السياسية، لذا يحسب للأردن
هذه المرة أن اختار سفيرا في طهران من خارج نادي رجال الدين، فكما تسعى
إيران إلى تحسين صورتها في أوساط النخبة وحتى الرأي العام الأردني، فإن
الأردن أيضا يحتاج إلى تحسين صورته أمام الرأي العام الإيراني ولو من
المدخل الثقافي والإعلامي في بداية الأمر.
أما السفير الايراني مجتبي
فردوسي بور وضمن حركته النشطة في عمان، فقد زار البرلمان الأردني مرتين
هذا الشهر واأطلق تصريحات طموحة واصفا السياحة الدينية بأنها "نفط الأردن،
وأن ثروات الأردن السياحية اهم من نفط الخليج وإيران"، ودعا الأردن إلى عدم
التخوف مما أسماه " فوبيا التشيع"، وهي ليست المرة الأولى التي يطرح فيها
مسؤولون إيرانيون تصريحات من هذا النوع، حيث تردد أكثر من مرة منذ عام 2012
تصريحات تشير إلى استعداد إيران للمساهمة في حل مشكلة الطاقة في الأردن
دون أن يحدث شيء.
أمام الأردن المزيد من الفرص لاختبار مصالحه الإقليمية
سواء باستدارة بسيطة أو بدونها، فالتنوع في الخيارات قوة استراتيجية في
زمن لن يفهمك فيه الآخرون إلا اذا ما تحركت على أرض صلبة.