نحو تثبيت أسعار المحروقات
لو استمرت أسعار البترول والمشتقات النفطية كما كانت خلال
الشهور الثمانية الأولى من هذه السنة فإن فاتورة الطاقة المستوردة هذه
السنة ستكون في حدود 5ر4 مليار دينار، أو حوالي 18% من الناتج المحلي
الإجمالي، وهي من أعلى النسب في العالم، مما يدل على أننا نستهلك من الطاقة
أكثر مما تسمح به مواردنا.
لكن انخفاض أسعار البترول بنسبة 20% تقريباً
خلال الربع الأخير من هذه السنة، من شأنه إذا استمر أن يوفر 75 مليون
دينار شهرياً أو 225 مليون دينار خلال الربع الأخير من هذه السنة، أو 900
مليون دينار في السنة القادمة.
الأردن من الدول المستفيدة من نكسة
أسعار البترول العالمية، تماماً كما كان قبل ذلك من الدول المتضررة من
ارتفاع أسعار البترول إلى مستويات شاهقة بشكل اثر سلباً على الموازين
الاقتصادية وفي مقدمتها الموازنة العامة والميزان التجاري وارتفاع
المديونية فضلاً عن إرباك المستهلكين، وإلحاق الأذى بالصناعة.
ليس مهماً
بالنسبة لنا أن نحاول تفسير أسباب هبوط أسعار البترول، وهل يعود للتوقعات
بتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، أم وفرة العرض، أم أنه مؤامرة أميركية موجهة
ضد روسيا وإيران (!) فكل شيء ممكن. المهم هو الاتفاق على إعادة النظر في
سياسة تسعير المشتقات النفطية بعد اليوم على ضوء الواقع الجديد.
إلغاء
الدعم النقدي للمحروقات المعمول به منذ سنتين يعتبر تحصيل حاصل، فالأسعار
العالمية اليوم تقل عما كانت عليه قبل تعويم الأسعار المحلية وإقرار سياسة
الدعم، لكن السؤال هو ما إذا كان من مصلحة الاقتصاد الوطني والمالية العامة
مواصلة اللحاق بالأسعار العالمية على أساس شهري وما يتبع ذلك من توقعات في
غير محلها، أم تثبيت السعر عند مستوى 100 دولار للبرميل، ووضع التوفيرات
في صندوق التثبيت، بحيث يمكن السحب عليه إذا عادت الأسعار العالمية إلى
الارتفاع فوق مستوى 100 دولار للبرميل.
لتثبيت الأسعار المحلية للمشتقات
النفطية مزايا تشبه تثبيت سعر صرف الدينار عند مستوى 71 قرشاً للدولار،
فهذا يعني الاستقرار والثقة وتمكين المنتجين والمستهلكين من رسم موازناتهم
والتخطيط للمستقبل وحساب التكاليف دون توقعات الارتفاع والانخفاض وما
يتبعها من مضاربات.