«داعش» وهم تغذيه أموال الخليج

انه مشروع حدود الدم الذي رسمته المصالح الصھیونیة منذ عقود للمنطقة، الیوم توج بـ«داعش» الوھم، كیان إرھابي قوامة مرتزقة وممول من حكومات تملك أموالاً طائلة.

تلك الحكومات الفاسدة أخلاقیاً وسیاسیاً الخادمة للمشروع الصھیو ـ أمیركي الھادف إلى تعزیز أمن ما یسمى «إسرائیل» والضامن الوحید لاستمرار الحیاة في اقتصاد أمیركا الاحتكاري الذيُبني على حساب الشعوب الفقیرة والدول النامیة.

فعناصر «داعش» لیست لدیھم عقیدة دینیة أو مذھبیة أو سیاسیة وما انتشارھم على الأرض إلا عملیة رسم حدود جغرافیة تتم وفق مصالح وأوامر استخباریة مصدرھا واشنطن والموساد الصھیوني، وما نسمعه من تصریحات تصدر من تركیا أو

السعودیة أو قطر ھي فقاعات صابون لا معنى لھا، لأن اللاعب الأساسي ھي أمیركا نفسھا التي ترید إلھاء الرأي العام الداخلي الأمیركي والرأي العام العالمي بأنھا غیر مسؤولة عن ھذه الأحداث الدمویة وأنھا تتحاور مع الحلفاء الوھم حول كذبة محاربة الإرھاب.

الجمیع یعلم تماماً أن من یحكم الخلیج ویخطط سیاسته الخارجیة ھي الإدارة الأمیركیة نفسھا ولو عدنا إلى زمن لیس بالبعید نسبیاً ھو زمن حكم الشاه لإیران لوجدنا أن سیاسة الخلیج اتجاه إیران كانت تحت عنوان إیران الجار والصدیق، ولكن الأمر تغیر بعد الثورة الإیرانیة لتتحول إیران إلى خطر ویجب معاداتھا ومنع توسعھا! لأن أمیركا كانت تطلق على حكومة الشاه في سبعینات القرن الماضي اسم شرطي الخلیج الذي كان یؤمن مصالحھا النفطیة في المنطقة. وبسقوطھ وانتصار الثورة الإیرانیة وإعلان موقفھا من ما یسمى «إسرائیل» كان یجب أن تتحول السیاسة الأمیركیة من خلال مكاتبھا وخصوصاً في الریاض كونھا تمثل الكتلة الأكبر والمتحكمة بالخلیج.

ولھذا كان یجب صنع «داعش» الوھم الیوم بعد تعزیز فكرة الإسلام الأمیركي كما تحب أن تسمیه أمیركا وبمال خلیجي وعناصر مرتزقة أكثرھم جاؤوا من مناطق یسیطر علیھا المال الخلیجي الذي أفسد أصحابھ وحولھم إلى وحوش بشریة لا

تدرك حجم الجرائم التي یمارسونھا بحق الإنسانیة. فالسعودیة مثلاً تتفاخر بأنھا طرحت مشروع إنشاء أربع مدن صناعیة في السعودیة بقیمة سبعین ملیون دولار سیتم على مراحل في حین أنھا دفعت، أي السعودیة نفسھا، مئات الملایین من

الدولارات وفوراً لحساب «داعش» ودعم الإرھاب لتدمیر سوریة وخنق المقاومة التي تحارب المشروع الصھیوني، ومن أجل تحقیق ھدف أمیركا والصھیونیة في تنفیذ مشروع التقسیم الذي ما زال ھو الشغل الشاغل لتلك القوى. فضربات الأكثر مشاهدة اليوم التحالف الجویة لم تضعف «داعش»، وبنفس الوقت فرصة القضاء على «داعش» ممكنة لو أن أمیركا فرضت على تركیا السماح للأكراد بدعم إخوانھم في عین العرب حیث الصمود الأسطوري لكوباني.

الیوم یثبت أن «داعش» الوھم یمكن قھره على رغم الضخ والدعم الذي یتلقاه من قطر والسعودیة وتركیا... ولن نكون واھمین إذا قلنا أن أمیركا أیضاً تدعمھ وترسم لھ تحركاتھ العسكریة على الأرض.

أما الطرف المعني بھذه الحرب ما زال یمارس سیاسة التكتم والعمل بصمت من دون تلك الفقاعات الإعلامیة. فالتنسیق الروسي الإیراني السوري یعتمد على تحقیق نتائج عملیة لا فقاعات إعلامیة، فضرب البؤر الإرھابیة في الداخل السوري ھو المھمة الأولى لمنع أي تمدد جدید لتلك العناصر الإرھابیة أو السماح لھا بالتواصل. فالثقل الحقیقي للجبھة السوریة سیكون على محور الجنوب حیث تتربص «إسرائیل» منتظرة الفرصة لدفع عناصرھا لدخول دمشق.

عبر غوطة دمشق، فقد تطول المعركة أو تقصر فالزمن لیس عاملاً مھماً بقدر النتائج التي یجب أن تتحقق على أرض وقد استطاع حلف المقاومة الیوم تحدید إطار المعركة وتحجیم دور تلك العناصر انطلاقاً من حدود لبنان إلى حدود الأردن

الواقع.

فـ»داعش» الوھمُیضرب الیوم وُیستنزف على رغم الدفع الخلیجي والتسویق الأمیركي له لأن فكرة المناطق العازلة التي تقترحھا تركیا إذا ما طبقت ستكون فاتحة الحرب الجدیدة التي ستعید الاصطفاف من جدید... وستدفع كل من تركیا والسعودیة الثمن قبل سوریة.

واختیار السعودیة الیوم توقیت إعلان حكم الإعدام بالشیخ النمر ھو دلیل تخبط وتسارع نحو الھاویة لا دلیل قوة، فالسعودیة تعلم الیوم إنھا مصدر الاحتقان المذھبي وھي التي سُتجبر بالنھایة على الرضوخ لأن العالم لم یعد یحتمل ھذه البدائیة البذیئة في التعامل مع الدول.