جُبران وأبناء الـ play station !
تحققت عبقرية الكاتب العالمي جبران الذي جعل من جملته الشهيرة «أبناؤكم ليسوا لكم أنهم أبناء الحياة» حيث سبقت هذه المقولة الزمن ووصفت منتجات الآلة الإعلامية العالمية التي تجعل من فعل تربية طفلك قطعة جسدك البيولوجية ومخزن جيناتك الوراثية ومستقبل خبراتك الثقافية مجرد «هباءً منثور» في وجه السلطان المبين الجديد الذي يسمى الإعلام الجديد ذا القبضة الحديد والقلب الجليد..!
تضحك صديقتي على جملتي أن الحروب القادمة بالمنطقة ليست حروب نفط ولا ماء بل حروب على «يد البليستاشن» وانا أضحك على ضحكها وسطحية فكرها؛ فأنا وهي أمهات لأطفال الاعلام الجديد.. يتناول الغداء وبيده مقود عالم البلاستاشن او كما تسميه أمي « البلى ستاشن» او محطة البلاء الجديد التي توالدت حتى وصلت الجيل الرابع ! ينهي على عجل حل واجب مدرسي وهو يهدد ان حال انتهاء الواجب سينطلق لحربه الجديدة في شاشة البلاستاشن..
هذه المحطة التي تدور على ألعاب حروب قادمة لا محالة؛ وجميعها تلمز وتغمز تحت حجة مكافحة الإرهاب مقاتلة شخصيات تبدو بملامح عربية تمهد للجيل الجاهزية التامة للعمالة في سلك القوى التي تمسك بالوصاية على العالم من خلال أداة الإعلان؛ لا مطوع ولا مفتي أقوى من أعلام موجه..
لم أعد أومن بعد دراسة الاعلام سوى بإعلام جدتي؛ التي كانت تقضي جل وقتها مع أبنائا ؛ فهي الناطق الرسمي باسم الحياة؛ لا تلفاز ولا مذياع سوى خطاباتها المباشرة لأسرتها فكانت هي المصدر الرئيسي للتعلم على عكس ما يحدث في أيامنا هذه فابناؤنا يتم ادلجتهم بالمدرسة والتلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي وغرف الشات وبرامج المحادثة المجانية التي تبدو مجانية لكننا ندفع ثمنها مسبقا في خرق خصوصيتنا وإعطاء جميع معلوماتنا ومراسلاتنا لجهة تعرف لمن تبيع هذه المعلومات حين الحاجة !
لا شيء «ببلاش» سوى العمى والطرش.. هكذا تقول جداتنا اللاتي لم يك يدور في خيالاتهن البكر ان الجيل القادم سيكون روبوت بشري فائق الصنع.. ينفذ بأتقان عبودية الاستهلاك..ويمشي في سكة مرسومة له دون ان يحيد عن الخط المرسوم له..
حروب الشوارع القذرة وتلك الشتائم الأمريكية التي ترافق النسخ من ألعاب البلاستاشن توحد صف الروبوتات البشرية الجديدة التي يجمعها «سي دي» وتتحصن بمقود تلك اللعبة التي تسيطر تماما على ذهن الطفل من خلال التقنيات البصرية والسمعية المتطورة التي كل بضعة أعوام يتم انبلاج نسخة جديدة منها اكثر محاكاة للحقيقة !
لو كان لجبران خليل جبران ان يفيق من قبره الان ويدخل بيتا من قريته اللبنانية « بشري» لقال مقولته الشهيرة بتصرف « أبناؤكم ليسوا لكم أنهم أبناء البلاستاشن» وready.. Steady.. Gooo .