هل تستمر أسعار النفط بالانخفاض ؟

أخبار البلد
 

حالة من الهلع أصابت الاقتصاد العالمي وأسواقه نتيجة توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي وما رافقها من انخفاض حاد في أسعار النفط في البورصات العالمية.

الانخفاض في أسعار النفط وما تبعه من انخفاضات في مؤشرات أسواق الأسهم العالمية والاقليمية ناجم كما يدعي الخبراء والمحللون عن الوضع المتراجع للاقتصاد الأوروبي وانخفاض معدلات النمو المتوقعة في الاقتصادات الآسيوية وعلى رأسها الصين واليابان.

وجهة النظر السابقة ترتكز الى ما قد يسببه تراجع النمو الاقتصادي من تراجع مقابل في الطلب على النفط ومشتقاته، وبالتالي تراجع في أسعار الذهب الأسود، بدءا من المضاربات السوقية على انخفاض سعره مستقبلا.

بيد أن ما يجب بقاؤه في الحسبان، أن الاقتصاد العالمي اليوم ليس بأسوأ حال ما كان عليه لما كانت أسعار نفط برنت تتجاوز الـ 110 دولارات، وأن الأوضاع السياسية العالمية واحتمالية تخفيض انتاج النفط عوامل يمكن لها رفع أسعار النفط مرة أخرى أو وضع حد لانخفاضها على أقل تقدير.

فالاقتصاد الأمريكي، وما يشكله من نصف الاستهلاك العالمي، في أفضل أحواله منذ 5 سنوات من حيث أرقام النمو والعمالة والأسواق العقارية، الى الحد الذي دفع البنك الفيدرالي الأمريكي الى تخفيض حزم التحفيز النقدي وبدء التحضيرات لرفع أسعار فائدة الدولار خلال عام 2015.

بالمقابل، يجب أن لا تغيب عن البال حقيقة أن سوق النفط العالمي احتكاري تسيطر على 50 % من انتاجه دول منظمة "أوبك"، و أن العوامل الجيوسياسية عالميا ومخاطر "الايبولا" يمكن أن تؤثر في امدادات النفط وقرارات المستثمرين في البورصات العالمية.

وعلى الرغم من الفوائض المالية التي تمتلكها الدول المصدرة للنفط، الا أنها اليوم في أمس الحاجة من أي وقت سابق للحفاظ على أسعار النفط من الانخفاض الحاد، ولو كان ذلك عن طريق تخفيض الانتاج المنسق بينها.

ذلك أن سعر تعادل النفط لموازنات الدول المصدرة له، والذي يكفي لتغطية نفقات الحكومة، قد أخذ بالارتفاع خلال السنوات الماضية نتيجة توسع الحكومات ذاتها في الانفاق، فوصل في الامارات الى 84 دولارا وفي فنزويلا الى 100 دولار وفي روسيا الى 110 دولارات للبرميل الواحد. كما أن الانتاج الامريكي للنفط والمتسارع مؤخرا عبر استخراج النفط وتكرير الصخر الزيتي، يصبح أيضا تحت تهديد عدم الجدوى الاقتصادية في حال استمرت أسعار النفط العالمية بالانخفاض، ما يعني أن الولايات المتحدة باتت طرفا أيضا في معادلة الحفاظ على أسعار النفط بعيدا عن التقلبات الحادة والانخفاضات المقلقة.

بالنتيجة، يمكن الطرح بأن انخفاض أسعار النفط يواجه عددا كبيرا من العوائق والمطبات، وبما يعني ضرورة انتهاز الفرصة بوضع استراتيجيات التحوط التي تسنح بالاستفادة من الاسعار المنخفضة على المستوى المحلي.

على هذا الصعيد، يمكن لمصفاة البترول الاردنية زيادة مشترياتها من النفط ومشتقاته خلال الفترة الحالية بهدف الاستفادة من فرصة انخفاض الأسعار العالمية، وبالتدريج.

وبدلا من شراء 3 شحنات نفط شهريا، يمكن زيادة العدد الى 6 أو 9 شحنات، أو استخدام سوق العقود المستقبلية لحجز حاجات المملكة لفترة مقبلة مثل ثلاثة أشهر.

المهم في استراتيجيات التحوط، عدم المغالاة في الاعتماد على التوقعات، وبالتالي الاعتدال في محاولة اقتناص الفرص، وبما يسمح بانتهاز الفرصة القائمة وعدم الاستهتار بما قد يأتي من فرص في المستقبل. الحكومة ليست مضاربا في سوق النفط، كل ما في الموضوع محاولة الاستفادة من فرصة انخفاض أسعار النفط اذا كان الانخفاض مؤقتا فعلا، وبالتدريج.