العقبة المختطفة!!

اخبار البلد - قصة محمد صقر رئيس سلطة العقبة ، قصة شائكة ، فهذه المظاهرات ضده وضد السلطة الخاصة هذه الايام ، لاتختلف عما كان يقوله أهل العقبة ضد هذه السلطة ، طوال سنوات في الغرف المغلقة.

قصة العقبة من ألًفها الى يائها ، تحوي أنيناً شعبياً يقول ان المدينة تم اختطافها ، وان اهلها لم يبقوا كما كانوا ، ولا باتوا قادرين على الالتحاق بمزاياها الوردية،.

احدى ابرز مشاكل مدينة العقبة ، اننا منذ سنوات ، لانعرف ماذا نريد من هذه المنطقة المحدودة على البحر ، كيلومترات قليلة ، نريد توليدها كأرنب سحري ، ميناءً ومنطقة سياحية ، ومنطقة صناعية ، ومدينة سكانية ، ومنطقة استثمارية ، وكأننا نريد تركيب عدة مدن على ظهر واحدة.

فوق ذلك ادى هذا السوء في ادارة التصور الى مناكفة اهل المدينة بوسائل مختلفة ، وكأن اهلها هم "البثرة البشعة" في وجه مشاريع تطوير المدينة ، هذا على الرغم من أن اهلها هم ضحية مباشرة اولى لسوء التخطيط ، ولهذه الفوقية في التعامل معهم.

لم يهتف الناس ضد محمد صقر لانه محمد صقر ، بل لان سياسات السلطة ، ادت الى هذه الذروة في هذه المرحلة ، وظل صوت الناس يتردد بذات الاعتراضات ، على سياسات كثيرة في ظل الفقر والحاجة والفروقات بين مدينتين.

مابين الذي يقوله صقر حول انه يوفر عشرات الالاف من الدنانير لاستئجاره جناحاً في فندق ، يدفع عليه عشرات الالاف سنوياً ، وبحثه عن سكن تم تقديره بعشرات الاف الدنانير ، ومشروع بناء سكن بمبالغ فلكية تلخصت قصة الاردنيين ، واهل العقبة تحديداً.

لااحد يفهم هذه الذهنية في الانفاق ، سواء كانت على سكن فندقي ، او الالماح بمكرمة على الناس بتوفير مبالغ اخرى جراء السكن في فندق ، وماهو حاصل باختصار:غياب للثقة بين اهل العقبة وسلطتها ، وتعميد للسلطة باعتبارها من عالم آخر.

سيأتي من يقول ان هناك حسابات شخصية ، وسيأتي من يقول ان السلطة لها لفتات انسانية ، وسيأتي من يقول ان السلطة ساهمت في احياء المدينة ، وانعاشها.

في المقابل تعالوا نسأل عن كل جدوى المشروع ، ومدى تحسس الناس من هذا الوضع ، والتشوهات الحاصلة بسبب عدم تحديد هوية المدينة ، فلا هي ميناء ولا هي محطة شاليهات ، ولا هي منطقة صناعية ، فيما اكتوى اهلها بغلاء قاتل وبإيجارات تشوي الوجوه.

قصة محمد صقر ، كانت الذروة لتفريغ غضب أهل المدينة وموظفي السلطة تجاه السلطة ، والواقع يشي بالكثير ، ويقول لك ان ارضاء اهل العقبة يكون بتوزيع قطع اراض عليهم ، وتوفير فرص العمل لهم ، وتحسين ظروفهم المالية ، وجعلهم المستفيد الاول من هكذا مشروع.

بغير ذلك سيتحول كل المشروع الى لعنة على السكان ، وبعضهم يعتقد ان اللعنة حاصلة ، من الايجارات المدمرة مروراً بمراكز المساج والافساد الاخلاقي ، وصولا الى اعتبار سكان العقبة ، شجرة ميتة تشوه الاستثمار والسياحة ، ولابد من خلعها من جذورها.

فوق ذلك ملف العاملين في ذات السلطة ومالذي يريدونه والتعامل مع مطالبهم ، برفق واحترام ، في زمن اكتوى فيه الناس بحاجات اولادهم.

اهل العقبة هم ابناؤها ، وهم ايضا ابناء معان والكرك والطفيلة واربد وعمان ، وكل من هو اردني ، يعيش في مدينته ، حتى لانستغرق في امكانية تحويل العقبة الى "شرم الشيخ" المغلقة على سكن المصريين ، والمفتوحة على العرب والاجانب.

مواجهات السكان مع السلطة ، والهتاف ضد محمد صقر ، يأخذك الى كل جدوى المشروع ، ومدى الاستفادة من تحويل العقبة الى منطقة خاصة ، واثقال السكان بشروط ومزايا المنطقة الخاصة وتركهم ضحايا لهذا الانقلاب الاقتصادي والاجتماعي.

لاجل هذا كله نريد اليوم ان تتم مراجعة قصة تحويل العقبة الى منطقة خاصة ، وعزلها جزئيا بحدود جمركية ، وايقاع سكانها في فخ عيشهم في مدينة تشي بأنها "موناكو" لكنها تعاملهم باعتبارهم عبئاً وعنصراً طارداً لكل هذه المزايا.

الهتاف ضد محمد صقر على مافيه من ملاحظات بشأن اداء السلطة الا انه يفتح الملف الاكبر حول جدوى تحويل مدينة اردنية محدودة المساحة الى مدينة لاتحتمل كل هذه الرؤى الثقيلة ، ولعلها فرصة ايضاً لنسأل حول جدوى كل المناطق الخاصة في البلد.

لمحمد صقر قصة ، غير انها فصل صغير من قصة العقبة الكبرى المخطوفة والمختطفة ، وهي قصة لابد ان تتم قراءتها علناً ، لانه لاتنمية ولاازدهار ولااستقرار ، مالم يكن اهلها في احسن حال.

لعل هناك من يسمع ، هذا اذا تبقى لدينا من يسمع،