ملوك الطوائف في القرن الواحد والعشرين

عالم عربي اختلط فيه الحابل بالنابل ، عالم عربي دخل في نفق مظلم ، عالم عربي يتجه الى تقسيم المقسم وتجزيئ المجزء وتدمير المدمر في ظل ملوك الطوائف في القرن الواحد والعشرين ، العالم يفكر في تكنولوجيا الفلك وعالمنا العربي يغرق في مصائب الضنك .
لقد ورث خلافة الأمويين أكثر من عشرين حاكما في أكثر من عشرين مقاطعة أو مدينة ، وقد انقسم هؤلاء الحكام إلى بربر وصقالبة وعرب ، وكانت بينهم حروب قومية لم يخمد أوارها طيلة السنوات التي حكموا فيها ، ولقد ترك هؤلاء الملوك المستذلون الضعاف ملوك الاندلس يعيثون بهم ويتقدمون في بلادهم ، وانشغلوا هم بحروبهم الداخلية ، وباستعداء النصارى ضد بعضهم البعض ، وتسابقوا على كسب الاعداء ، وامتهنوا في ذلك كرامتهم وكرامة الإسلام ، فدفعوا الجزية وتنازلوا طوعا عن بعض مدنهم الاعداء ، وحاربوا في جيوش الاعداء ضد المسلمين من إخوانهم في المدن الأخرى من أرض الأندلس الإسلامية ‏.
لقد فشل ملوك الطوائف في أن يلموا شعثهم ، وأن يتكتلوا ضد الاعداء ‏.‏‏.‏ ومن عجيب المقادير أن ‏"‏ ألفونسو السادس ‏"‏ ملك قشتالة وليون واستوريا ، كان يتظاهر بحماية هؤلاء الملوك المسلمين ، ويأخذ منهم الجزية والإتاوات التي يرفع من قيمتها سنة بعد أخرى ، واستطاع أن يعد عدته من الإتاوات التي يفرضها عليهم ليلتهمهم بها كلهم ‏.‏‏.‏ وكان آخر ما التهمه ألفونسو من أرض المسلمين تحت سمع وبصر هؤلاء الإسلاميين بل وبمساعدة بعضهم ‏.‏‏.‏ مدينة طليطلة سنة 478 هـ 1085م
أن ملوك الطوائف في القرن الواحد والعشرين يتسابقون للحرب في صفوف امريكا والغرب كما أن فاتورة الحرب تدفع من اموال الشعوب (الجزية والاتاوات) حتى ينالوا الرضى من عمنا سام ، فويل لأمة مقسمة اجزاء وكل جزء يحسب نفسه أمة .
ولكن تظل المشكلة الأساس هي الفراغ الكبير الذي خلقه عجز وقصور الكيانات العربية . وما لم تتدارك هذه الدول أمرها، وتعيد النظر في سياساتها الداخلية والخارجية، فإن هذه الدول ستتساقط مثل دويلات الطوائف، وتتعرض للفشل والانهيار والتقسيم. وقد تبدأ هذه الانهيارات في دول طرفية مثل اليمن والعراق وسوريا والسودان وليبيا .
لقد رهن ملوك الطوائف قرار الأمة في ايدي اسيادهم ، وخاضوا الحروب بالنيابة عنهم ، وذلك لسبب بسيط ، هو أن ملوك الطوائف يمكن تأجيرهم كل او بعض الوقت بثمن بخس .
إن هذه هي النتيجة الطبيعية لكل ملوك طوائف في كل عصر ، فالذين يخشون الموت سيموتون قبل غيرهم ، والذين يحسبون للفقر حسابه مضحين بكرامة دينهم ووجود أمتهم ‏.‏‏.‏ سوف يصيبهم الفقر من حيث لا يشعرون