«إسلامات» سياسية
يتوزّع الإسلام السياسي العربي بين أنواع ثلاثة: الإسلام الرسمي، وتمثّله وزارات الأوقاف، والإسلام الوسطي، وتمثّله حركة الإخوان المسلمين، والإسلام الجهادي، وتمثّله عشرات التنظيمات الموزّعة في أنحاء العالم، وصار أهمّها تنظيم «الدولة الإسلامية».
الأوّل أثبت فشله في احتواء الشباب الإسلامي، لسبب رسالته الواضحة في الترويج للسلطة، ومحاولة إثبات نجاح سياساتها حتى لو ثبت العكس، والثاني نجح في احتواء الكثير من الشباب الإسلامي، لسبب تبنّيه الوسطية التي تعارض أو تؤيد حسب الاقتراب أو الابتعاد عن معادلاتها التاريخية، أمّا الثالث فقد ظلّ محدوداً حتى ما قبل سنوات قليلة.
مؤخراً، شهدنا طفرة في تمدّد وانتشار الثالث، ويُرجع الباحثون الأمر إلى عوامل كثيرة، ولكنّهم لا يناقشون العامل الأهمّ، وهو الضربات القاسية التي تعرّض لها الإسلام الوسطي، في مصر والخليج العربي، ولأنّ الطبيعة ترفض الفراغ، فقد ذهب الكثير من الشباب الوسطي إلى التطرف، فليس من الوارد وجودهم تحت راية الإسلام السياسي الرسمي، فهم أصلاً ضدّه.
لا نظنّ أنّ مطابخ القرارات العربية غافلة عن هذا الأمر، ومع ذلك فهي تمارسه بإصرار مريب، فكأنّها تحرص على عدم ترك فُرصة إلاّ وتستغلها من أجل التقوية الضمنية للتيار المتطرف، وهذا ما سيظلّ يؤجّج الصراعات، ويتركنا في مهبّ حروب متجددة، ومشاهد القتل والتهجير والدمار، أمّا السبب فيتطلب دراسة معمّقة للوصول إلى إجابة.