بيئتنا الاستثمارية إلى أين ؟


بيئة الاستثمار او مناخ الاستثمار هو مجموعة القوانين الناظمة للانشطة الاستثمارية وتطبيقاتها ومجموعة الخدمات المساندة من مصرفية واتصالات ونقل وتأمين في البلاد، وهذه القوانين تحدد قدرة الاقتصاد على استقطاب استثمارات ورؤوس اموال جديدة، وفي حال ضعف هذه القوانين وتطبيقاتها يفقد الاقتصاد قدرته على استقطاب الاستثمارات، وهنا نستطيع القول ان الاقتصاد الاردني اظهر تباطؤا في قدرته لاستقطاب استثمارات جديدة برغم توفر خميرة جيدة للارتقاء ببيئة الاستثمار والبناء على ما حققه الاردن في هذا المجال خلال العقود الماضية.
ادى تباعا ...الازمة المالية العالمية التي انفجرت في العام 2008 وتداعياتها، وما يسمى بـ» الربيع العربي» في العام 2010 وانعكاساته، الى اختلاط الحابل بالنابل والى حد ما فقدنا الاتجاه.. فالمعالجات الرسمية للازمة المالية العالمية اغرقتنا في سياسات صماء، تارة تجاهلها المسؤولون، وتارة اخرى بالغوا في تداعياتها، وجاءت المعالجات كمن يسبح عكس التيار، وشكلت السياسات النقدية والمصرفية ابرز عناوين التخبط والانكفاء برغم النتائج الخطيرة التي طالت معظم القطاعات، واعتمدت الفوائد العالية والتشدد في منح الائتمان.
اليوم.. وبعد مضى اكثر من ست سنوات عجاف ما زلنا نبحث في ايهما اسبق الدجاجة ام البيضة ونحن نتلمس افضل السياسات للخروج من الركود والتباطؤ الذي وصل القاع، لذلك ليس من باب المصادفة ان نجد اعدادا كبيرة من المستثمرين الاردنيين يبحثون عن مناطق افضل لاستثماراتهم منها على سبيل المثال امارة دبي، اما كبار المستثمرين لا سيما المؤسسين يدروسون اوضاع استثماراتهم في المملكة، منها الفرنسيون في مقدمتها فرانس تيلكوم ولافارج، وهم من اقدم الاستثمارات المؤسسية في المملكة.
المشكلة الكبرى التي تواجه المستثمرين المحليين والاجانب مبالغة الحكومات بفرض الضرائب والرسوم المختلفة، فالمتعارف عليه ان الضرائب هي بمثابة مكابح كبيرة للتنمية، فالعائد على الاستثمار هو محرك رئيسي لحفز المستثمرين او عزوفهم عن الاستثمارات، وخلال السنوات القليلة الماضية غلظت الحكومات الضرائب والرسوم على اختلاف انواعها، واصبح معها ما يحققه المستثمر من عوائد على استثماراتهم بالكاد يعادل الفائدة المصرفية في احسن الاحوال، وهنا يقف المستثمر بخاصة المؤسسي منهم لتقويم اوضاع استثماراته في ضوء ذلك.
تشجيع الاستثمارات واستقطاب المزيد من المستثمرين يجب ان يحقق للمستثمر وللخزينة وللمجتمع منافع بتوازن بعيدا عن واحتكار المعرفة والمصلحة، وفي هذا المجال فان المبالغة بفرض الضرائب والرسوم على قطاعات الاتصالات، التعدين، وتقنية المعلومات سيفضي الى تباطؤ الاستثمارات اولا، وتناقص ايرادات الخزينة ثانيا، وهذا ما تحقق قبل ان ينتهي العام المالي الحالي بعد ان بالغت الحكومة بزيادة كلفة الانتاج من ناحية، وزيادة الضرائب الخاصة من ناحية اخرى...ليس بهذه الطريقة يمكن الارتقاء ببيئة الاستثمار.