إلغاء الفصل الصيفي في الجامعات الأردنية

ان الدولة الاردنية و منذ نشأتها اعتمدت خيار الاهتمام بالعلم و التعليم كمنهج واضح المعالم كما و انتهجت سياسة الاستثمار بالطاقات البشرية كثروة وطنية حقيقية حتى اصبحت المدارس و المعاهد و الجامعات الاردنية في مصافي مثيلاتها في الدول العربية فانتشرت المدارس الثانوية في مراكز التجمعات البشرية كعمان و اربد و السلط و اعقبه تأسيس لدور المعلمين و توجت هذه الجهود بأنشاء الجامعة الاردنية في بداية الستينيات من القرن الماضي.
يعود تاريخ انشاء اولى المدارس الثانوية الى عام 1918و كانت هذه المدرسة في مدينة السلط و خرجت الكثير من رجالات الاردن المخلصين بينما أسست اولى دور المعلمين عام 1953 في مدينة عمان و لا يخفى على احد ان الجامعة الاردنية انشئت عام 1962 لتكون ام الجامعات الاردنية و اعقب انشاء الجامعة الاردنية انشاء عدد من الجامعات الحكومية حتى اصبحت عشر جامعات تحتضن مئات الاف الطلبة، و ايمانا من الحكومة بدور القطاع الخاص و اهميتة في القطاعات المختلفة و منها اعداد الكوادر البشرية المؤهلة لدخول سوق العمل اجازت الحكومة انشاء الجامعات الخاصة و كان ذلك في نهايات الثمانينات من القرن الماضي و كانت جامعة عمان الاهلية اولى الجامعات التي تباشر عملها عام 1990 و توالى انشاء الجامعات الخاصة حتى اصبحت تسع عشرة جامعة باستثمارات تعادل مئات ملايين الدنانير. ان الجامعات الوطنية تتميز بالتنوع الكبير في البرامج الاكاديمية التي تقدمها في مرحلة البكالوريس و لم تتوقف الجامعات الوطنية عند هذا الحد بل عملت على استحداث برامج الماجستير في معظم صنوف المعرفة و برامج الدكتوراة في عدد غير قليل من المجالات الاكاديمية في شقيها الانسانية و التطبيقية كما و تتميز الجامعات الوطنية بتغطيتها كافة مناطق الوطن من الشمال الى الجنوب.
تعتمد الجامعات الوطنية على النظام الامريكي او ما يعرف بنظام الساعات المعتمدة في ادارة العملية التدريسية لما لهذا النظام من فوائد كثيرة منها اتاحة الفرصة للطلاب من ترتيب اولوياتهم باختيار المواد التي يدرسونها من جهة و اختيار مدرسيهم من جهة اخرى و حسب هذا النظام فأن العام الدراسي يتكون من فصلين دراسيين اجباريين يتكون كل منهما من 16 اسبوعا دراسيا و من فصل دراسي صيفي اختياري يتكون من 8 اسابيع و يقع بين الفصل الثاني من عام دراسي و الفصل الاول من العام الدراسي الذي يليه ويعمل بهذا الفصل في كل الجامعات الوطنية لدرجة ان تضاعف هذا الفصل ليصبح فصلين دراسيين في احدى الجامعات الحكومية كما و كثرت الاجتهادات في طبيعة هذا الفصل.
من واقع خبرتي بعد سبع سنوات من العمل في التعليم الجامعي ارى ان الفصل الصيفي قد يخدم فئتين من الطلبة، الاولى فئة الطلبة المتميزين حيث يتيح لهم الفصل الصيفي الفرصة لانهاء دراستهم في ثلاث سنوات او ثلاث سنوات و نصف اما الفئة الثانية فهي فئة الطلبة ذوي التحصيل المتدني في ذلك العام الدراسي مما يمكنهم من اللحاق بزملائهم و انهاء دراستهم في اربع سنوات.
ان واقع الحال فيما يخص الفصل الصيفي انة يعمل بة في كل الجامعات الوطنية و ان نسبة كبيرة جدا من الطلبة يواضبون على التسجيل فهو كنتيجة لهذا الواقع يساهم هذا الفصل في تسريع تخريج الطلبة مما يضاعف التحديات في الحصول على فرص العمل.
تتميز تركيبة المجتمع الاردني بان نسبة الذين تقل اعمارهم عن 30 عاماً يبلغ 70% بمعنى ان المجتمع الاردني مجتمع شاب و هذا بدورة يضع مزيدا من الضغوط على القطاعين العام و الخاص في خلق فرص عمل للباحثين عن عمل و من ضمنهم خريجو الجامعات. ان البحث عن ايجاد حلول لهذه الضغوطات كثيرة و لكني سأتحدث عن حل قد يساهم في تحسين نوعية التعليم الجامعي من جهة و يساهم في خلق فرص عمل مباشرة و غير مباشرة من جهة اخرى دون ان يترتب على ذلك اية كلف مادية عن طريق الغاء الفصل الصيفي و تخريج السواد الاعظم من الطلبة في خمس سنوات بدل اربع سنوات. ان هذا الطرح المتمثل بالغاء الفصل الصيفي لن يحرم الطلبة المتميزين من انهاء الدراسة في اربع سنوات للتخصصات التي يبلغ عدد الساعات المعتمدة فيها 132 ساعة معتمدة حيث يبلغ العبء الدراسي الفصلي للطالب حسب هذا الطرح 16,5 ساعة معتمدة و هذا عبء دراسي يستطيع هذا النوع من الطلبة التعامل معه بسهولة كما و يستطيع سوق العمل ان يستوعب هذه الفئة من الخريجين. اما السواد الاعظم من الطلبة فيقترح هذا الطرح انهاء دراستهم في خمس سنوات و علية فأن العبء الدراسي الفصلي للطالب هو 13,2 ساعة معتمدة. ان انهاء السواد الاعظم من الطلبة دراستهم الجامعية في خمس سنوات قد ينعكس ايجابا على الطلبة من حيث ان الطالب يستطيع ان يسجل مواده الدراسية في يومين او ثلاثة ايام فقط من الاسبوع مما يعني مزيدا من الوقت للدراسة و العمل الجزئي او مساعدة العائلة في عمل تملكه مما سينعكس ايجابا على التحصيل العلمي و على الوضع المادي للطالب و اسرته.
ان الهدف مما تقدم هو محاولة لفت انتباه اصحاب القرار و المختصين و الطلبة و ذويهم الى فكرة الغاء الفصل الصيفي و التخلص من فكرة ان الدراسة الجامعية اربع سنوات و فيما تبقى من هذا المقال سأتحدث عن سلبيات الغاء الفصل الصيفي اولا و من ثم سأتحدث عن ايجابيات الغائة.يمكن ايجاز سلبيات الغاء الفصل الصيفي في نقطتين هامتين هما:اولا: فقدان اعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات لأجور التدريس في الفصل الصيفي و قد تتراوح نسبة دخل الفصل الصيفي من اجمالي الدخل السنوي المتمثل بصافي الرواتب الشهرية لاعضاء الهيئات التدريسية ما بين 10 الى 18 %.ثانيا: فقدان الجامعات الوطنية لرسوم التسجسل و رسوم الساعات في الفصل الصيفي و دون الدخول في التفاصيل فالذي لن يتم تحصيله في الفصل الصيفي سيتم تحصيله في الفصل الاول الذي يليه.
اما ايجابيات الغاء هذا الفصل فهي كثيرة نجملها فيما يلي:على اعضاء الهيئات التدريسية: و هنا نفرق بين الاساتذة من جهة و الاساتذة المشاركين و المساعدين من جهة ثانية، فالغاء الفصل الصيفي سيمنح الاساتذة متسعا من الوقت قد يستغل في الاشراف النوعي على طلبة الدراسات العليا و تأليف و ترجمة الكتب النوعية و هنا قد يكون لصندوق دعم البحث العلمي و عمادات البحث العلمي في الجامعات بالاضافة الى الجهات المانحة الاخرى دور مهم في دعم هذه الانشطه مما يعود بالنفع المادي على الاساتذة يعوضهم جزءا من الذي سيفقدونة جراء الغاء الفصل الصيفي، اما الاساتذة المشاركين و المساعدين فان الغاء هذا الفصل يمنحهم مزيدا من الوقت الذي قد يستغل في قضاء اجازات بحثية في جامعات العالم المرموقة تساهم في رفع كفاءتهم و هنا ايضا لابد من الاشارة الى ان يبادر صندوق دعم البحث العلمي و عمادات البحث العلمي في الجامعات الى تغطية جزء من هذه الكلف كما و من الممكن استخدام الوقت المتوفر في العمل على تحديث الخطط الدراسية و المناهج لتواكب متطلبات العصر و حاجات السوق.
على الهيئات الادارية: ان الزمن المتوفر من الغاء الفصل الصيفي قد يستغل في رفع كفاءة و سوية اعضاء الهيئة الادراية عن طريق التدريب و بناء القدرات.
على البنية التحتية للجامعة: ان عدم انتظام التدريس لحوالي اربعة اشهر في السنة سيعود على البنية التحتية بفوائد منها:تقليل الضغظ على هذه البنية وعمل الصيانة الضرورية وتوفير استهلاك الطاقة و الماء.
على الطلبة: علاوة على ما ذكر سابقا من ايجابيات تخريج الطلبة في خمس سنوات فان الغاء الفصل الصيفي و عدم انتظام الطلبة على مقاعد الدرس لاربعة اشهر سيوفر للطلبة فرصة الحصول على عمل جزئي في مشاريع الابحاث التي تجريها الجامعة كما و سيوفر لهم ايضا فرص عمل في مشاريع البنية التحتية التي تقوم بها جامعتهم.