استجابة مقدّرة من وزير الداخلية

يُسجّل للحكومة في سجل الانجازات القليلة جدًا، أنها أغلقت الباب شبه كامل، ولم تجعله مواربًا، في قضية سحب الجنسيات، وشكلت لجنة وزارية عُليا لبحث القضايا المتعلقة بالذين سحبت جنسياتهم، واية شكوى تصل الى الجهات المعنية في سحب الجنسيات.

ويُسجّل بكل تقدير سرعة الاستجابة التي مارسها امس وزير الداخلية حسين المجالي في توضيح خاص لموقع "سرايا" بعد نشر تقرير بالوثائق حول حرمان نجل جندي اردني استشهد في معركة الكرامة من الجنسية الاردنية.

وأكد المجالي ان نجل الشهيد يستحق الجنسية الاردنية "اكثر مني" كما ذكر الموقع ، ولا يرى ما يمنع من منحه الجنسية الاردنية، وان حرمان نجل شهيد من الجنسية خطأ كارثي.

اغلاق ملف حساس من وزن سحب الجنسية من ابن شهيد، مثبت اسمه في سجل الشرف لشهداء معركة الكرامة في صرح الشهيد، لفتة تقدر بكل احترام للمسؤول الاول في وزارة الداخلية، وتغلق اصواتا تبحث عن اية قضية لصب الزيت على نارها، كما تفتح من جديد مهمات مكتب المتابعة والتفتيش الذي يوصي بسحب الجنسيات بعد مراجعته.

أهم مَن تحدث عن قصة المتابعة والتفتيش، برؤية استراتيجية صاحب القرار في انشاء هذا المكتب، رئيس الوزراء الأسبق ومدير المخابرات الاسبق أحمد عبيدات، حيث كشف عن انه في عام 1983 رصدنا سياسة إسرائيلية جديدة تمارس ضد أبناء الشعب الفلسطيني، تهدف إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من خلال التشدد ازاء عودة الفلسطيني إلى بلاده، عندما كان يأتي زائرا إلى الأردن، ويضطر لأمر ما إلى التأخر لأيام عن العودة لفلسطين، تقوم عندها إسرائيل بمنعه من العودة. ورصدنا في ذلك العام نحو 25 ألف فلسطيني تضرروا من هذه السياسة، لذلك قمنا فورا بإنشاء مكتب المتابعة والتفتيش، هدفه بشكل محدد متابعة كل فلسطيني يأتي زائرا إلى الأردن، وقبل أن ينتهي تصريح زيارته، الذي كان يحدد بشهر، يقوم المكتب بالاتصال به وتنبيهه إلى ضرورة العودة حتى لا يفقد مواطنته الفلسطينية، ونجحنا في العام التالي بتقليل الرقم من 25 ألفا إلى ما يقارب الألف فقط.

أما ما يقوم به مكتب المتابعة والتفتيش الآن من سحب أرقام وطنية وغيره من القرارات، يؤكد عبيدات، فإنه لاعلاقة له أبدا بالهدف الذي أنشئت الدائرة من أجله.

كنت ولا أزال من المعتقدين أن هناك تضخيما مبالغا به في قضية سحب الأرقام الوطنية، إلى أن استمعت يوما لحديث جلالة الملك خلال زيارته لمخيم الوحدات في 6 نيسان (أبريل) 2011 حيث التقى وجهاء وممثلي الفعاليات الشعبية والرسمية. وكشف جلالته عن أن "قرار سحب الأرقام الوطنية خلال عام 2010 خالف توجيهاته".

في المحصلة، لا يستند مكتب المتابعة والتفتيش إلى أي قانون على الإطلاق، بل إلى تعليمات تدعى تعليمات فك الارتباط، وهي تعليمات مجهولة. ولا يزال عدة آلاف يشكون من عدم استعادة جنسياتهم، والى بطء عمل اللجنة الوزارية.

ومع الإيمان بتبريرات الحكومات المتعاقبة حول قرار سحب الأرقام من أنها تهدف إلى تثبيت الفلسطينيين في أرضهم، وتساهم في حماية الهُوية الفلسطينية، إلا أن سحب الأرقام الوطنية مزّق نسيج عائلات أردنية كثيرة، وخلق مشكلات اجتماعية ونفسانية لأسر مستقرة.