النموذج البحريني أين يجد نفسه؟



النموذج البحريني أين يجد نفسه؟

برغم اختلاف الحالة البحرينية عن الحالة المصرية والتونسية إلا أن المعارضة البحرينية ما زالت تعيش بالدور وتستولد الحالة الداخلية البحرينية  لإفراز مظاهر الحالات العربية وتقدم الإيحاءات بضرورة إتباع الطريقة التونسية والمصرية وحتى الليبية للتغيير.

من يعرف البحرين وعاش بها يدرك أن الحالة البحرينية تختلف اختلافا كاملا عن أخواتها في باقي الدول العربية بل تتجه لان تكون حالة عالمية خاصة بامتياز حيث تعمل الحكومة وفق أجندة منفتحة ليبرالية مؤسساتية محضة مقابل (معارضة) تعمل وفق أجندة طائفية مغلقة مرتبطة بالخارج ومتغيرة الوتيرة والمطالب حسب الأحداث التي تطرأ في فضاء هذه الكتلة (المعارضة) وهي متمثلة بثلاث كيانات لها نفس الهيكل العظمي ومختلفة ظاهريا بتدرج مرونتها ولكنها تملك برنامج واحد هو قلب منظومة الحكم لأسباب طائفية فقط، حيث تمثل حركة (حق) دور المعارضة المتشددة وتمثل (الوفاق) دور المعارضة المعتدلة..!

عمدت المعارضة البحرينية منذ انهيار العراق على  اللعب على وتر نسب الطوائف المشكلة للمجتمع البحريني حيث أبرزت السمة الطائفية لمكونات الشعب مع تضخيم لنسبة طائفة أمام طائفة لإدخال البلاد في حلقة تجاذبات وتمترسات عضوية يصعب التخلص منها في حال سريانها، حيث ساعدت مكونات العقيدة الشيعية بجذب أبناءها لهذه المعارضة من خلال الترهيب باحتمالية الخروج من الملة لمن لا يتبع هذه المعارضة بحكم أنها تأتمر من (الولي الفقيه) الذي يرسل أوامره للمعممين البحرينيين ولا يناقشهم بها،  وأمام الأوامر الصلبة لهذا (الولي) لم يكن أمام معظم مكونات هذه الطائفة سوى العمل على تنفيذ هذه الأوامر المقدسة (قدسية الإمام بند رئيسي من بنود الشيعة ويخرج من ملتهم من ينكرها أولا يعمل بها).. هذه الأوامر تلخصت بعبارة (إسقاط البحرين) لتكن ولاية من ولايات الفقيه القابع في طهران.

إذا علينا أن لا نتوقع من المعارضة البحرينية سوى التعجيز والاستفزاز للوصول إلى حالة الاصطدام المباشر مع الحكومة وباقي مكونات الشعب للبدء في الخطة التالية للاستيلاء على الحكم، وحتى لو قامت الحكومة بتنفيذ جميع المطالب السابقة لهم والتي تتعاظم وتتزايد عند تحقيق بنودها ليتم توليد مطالب جديدة لكل مطلب يتحقق وهكذا..

 إن تصريحات الأمين العام لجمعية الوفاق المعارضة (السلمان) والتي جاءت ردا على الدعوة للحوار تثير الكثير من الاستفزازات لكل متابع للشأن البحريني حيث يطالب السلمان بصفته الناطق الرسمي للمعارضة وكشروط مسبقة للحوار مع الحكومة  بإقالة الحكومة أولا وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتحييد الإعلام الرسمي.. بالتالي لم يدع السلمان أي شيء للحوار ولم يترك أمامه أحدا ليتحاور معه بل يطالب بفرط البلد ليعيد تشكيلها من خلال (مجلس تأسيسي منتخب) ، حيث لم يستطيع هذا الوسيط أن يحدد كيف سيتم انتخاب هذا المجلس التأسيسي ومن سيضع آلية الانتخاب ومن سيشرف عليه وما هي تحفظاته على الدستور البحريني .. الخ.

كما أن السلمان دعا إلى الاقتداء بالنموذج التونسي أو المصري ويهدد بالنموذج الليبي متناسيا أن الحالات العربية السابقة كانت الشعوب بجميع أطيافها وطوائفها وإثنياتها هي صاحبة الحق في التغيير والمطالبة بالحرية من الديكتاتوريات وهي التي قادت المعارضة  المؤطرة ولجمة تمترسها الحزبي والطائفي واتبعتها للشعب، بينما في الحالة البحرينية فالأسباب التي دفعت مصر وتونس وليبيا للثورة غير موجودة على الساحة البحرينية أولا، ثم إن ديكتاتورية (الإمام الفقيه) في طهران هي التي أدت إلى سلخ جزءا من الشعب سلخا عضويا بسيف الدين ليسوق أتباعه في البحرين نحو لبس واستعارة أسباب الحالة المصرية والتونسية أو حتى الليبية (إذا اقتضى الأمر) لتنفيذ مخطط التخريب لإلحاق البلاد إلى جحيم فارس كما العراق ولبنان.

ومما دل على تبعية وانتهازية (المعارضة) البحرينية هو رفضها بلسان السلمان للدستور البحريني ومطالبته بإعادة  كتابته مع العلم بان الدستور الحالي قام بعد الميثاق الوطني الذي قام الجميع بالمشاركة فيه وإقراره والموافقة عليه بما فيها جمعية الوفاق المعارضة.

إن على الجميع دعم الحكومة البحرينية والتي تميزت بالاتزان المطلق في التعامل مع المظاهر المؤزمة للوضع الداخلي والعناصر المستفزة من رموز (المعارضة)، حيث ما زالت تعمل على المحافظة على الكيان الليبرالي المعتدل والانتعاش الاقتصادي القائم على الجذب الاستثماري والاقتصاد الحر والدعم العربي الخليجي، وتقوم كذلك على احتواء عقلاني متسامح  لهذا الشطط الخطير لفئة الشعب الذين تم تغييب فكرهم ومصادرة قرارهم حيث ستصطدم هذه الحكومة بمزيدا من التعنت ومزيدا من التعجيز من قبل هذه المعارضة التي يتم تحريكها بالريموت كنترول عن بعد من طهران التي تطفح بالديكتاتورية بنفس الوقت الذي تطالب فيه بحرية الفوضى لأتباعها في البحرين.

                        جرير خلف