شركات الأدوية والأطباء
ليست المرة الأولى التي يتم فيها تغريم شركات أدوية ملايين الدولارات بسبب تقديم أعطيات لأطباء لحفزهم على وصف الأدوية التي تنتجها هذه الشركات للمرضى.
وقامت عدة صحف مؤخرا بنشر قرار الصين تغريم شركة جلاكسو سميث كلاين، عملاق الأدوية البريطاني، غرامة قياسية قيمتها حوالي نصف مليار دولار، إضافة إلى سجن الرئيس السابق لعمليات الشركة في الصين، وغيره من سنتين إلى أربع سنوات بعد ثبوت استخدام الرشاوى والعمولات ووسائل احتيالية أخرى لتعزيز مبيعات الأدوية في الصين.
وقالت الشركة إنها تحقق في ادعاءات بتقديم رشاوى في عدد من دول الشرق الأوسط من بينها الأردن ولبنان وسورية والعراق والإمارات، إضافة إلى دول في مناطق أخرى مثل بولندا.
وتواجه شركات أدوية أخرى ادعاءات مماثلة تتعلق بممارسات غير قانونية في المبيعات.
ويعرف أغلب العاملين في شركات توزيع الأدوية في الأردن خفايا مثل هذه الممارسات، حيث إن هناك شركات تدفع لأطباء مبالغ مالية شهرية حسب عدد وصفات أدويتها، لا بل أن بعضهم يطلب خدمات أخرى كتركيب مكيف بعيادته أو تمويل سفره إلى مؤتمر طبي في الخارج.
وتحاول هذه الشركات بممارسات ربما تكون غير مشروعة لحفز الأطباء على وصف الأدوية التي تنتجها للمرضى كتمويل مشاركتهم ولربما زوجاتهم أيضا في مؤتمرات "علمية" مع أنها في الحقيقة أقرب إلى لقاءات علاقات عامة في الخارج، وغالبا ما يكون المؤتمر عرضا للأدوية التي تنتجها هذه الشركات فقط.
وهناك ممارسات مشروعة كتزويد الأطباء بأدوية مجانية لإعطائهم الفرصة للتأكد من فاعليتها أو صرفها للمرضى غير القادرين ماديا لكن لا يجوز أن تقوم هذه الشركات بالتأثير في الأطباء لصرف أدوية بعينها أو تقديم امتيازات لمن يصف أدويتهم أكثر من غيره.
أعرف أنه في السابق تم توجيه تنبيهات واجراءات أخرى لعدد من وكلاء الشركات الكبرى لكن القضية ربما تكون أكبر مما جرى حتى الآن.
إن وجود قضية ولو بحجم صغير مثل هذه في الأردن تستحق المتابعة مع أن النسبة العظمى من أطبائنا لا يشك في أخلاقياتهم الطبية لكن وجود عدد محدود ممن يخرق أخلاقيات المهنة يؤثر في السمعة العامة للقطاع الطبي والصحي في الأردن وهو أجدر بالرعاية.