نحو قائمة سوداء للفاسدين وداعميهم

لا تكتفي النخبة السياسية البرلمانية والحكومية في الغياب عن تطوير الحياة السياسية والتشريعية ومد جسور الثقة مع الشارع الاردني , بل تسعى بوعي ومصلحة الى تخريب الحياة القانونية واحباط الجهات التي تقوم بعملها لضبط الفساد ورفع سوية الحياة على اختلاف اشكالها في الواقع المحلي .
الخميس الفائت قامت مؤسسة الغذاء والدواء بواجبها بضبط مستودعات تحتوي على بضائع مقلدة وفاسدة في احد اسواق عمان القديمة بمشاركة واسناد من قوات الأمن العام , ومنذ ضبط المستودع لم تهدأ هواتف مديرية الامن العام عن الرنين واستقبال الزائرين من النواب والرسميين للوساطة لفاسدين أغرقوا السوق المحلي بكل ما هو غث وفاسد .
قبل شهر تقريبا كان ثلاثة نواب برفقة تاجر في مكتب مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس للتوسط لإدخال شحنة ادوات كهربائية قادمة من اسواق البالة في دولة آسيوية ومارسوا ضغطا على مدير المؤسسة حيدر الزبن من اجل ادخال الشحنة التي قام التاجر بتزوير اوراقها ايضا واخفاء قدومها عن طريق ميناء اسرائيلي وبالمصادفة كنت في زيارة الى الرفيق حيدر الذي لا يخضع كما الدكتور هايل عبيدات مدير مؤسسة الغذاء والدواء الى الواسطات .
وللاستزادة بشرح الظاهرة فإن كل مراجع تقريبا الى وزارة الداخلية التي أراجعها من اجل استصدار فيزا لأقاربي كل شهر تقريبا , لاحظت ان كل المراجعين من غير الجنسية الاردنية -وللحصر من جنسية عربية قريبة- يراجعون الوزارة إما بكتاب من نائب او بصحبة نائب او بصحبة مسؤول سابق , وعند سؤالي عن الظاهرة اجاب مدير مكتب وزير الداخلية عبد الباسط الكباريتي بابتسامة مؤدبة كما الرجل ذاته وصمت عن الاجابة .
لحسن حظ المواطن وجود مديرين على شاكلة الزبن وعبيدات , ومن حسن حظهما انهما تلقيا دعما مباشرا من الملك للقيام بواجبهما دون ادنى التفاتة للضغط الذي يمارس عليهما , وهما بذلك نموذجان لكل راغب في رفض الضغط والواسطة , فـ»الزبن» يروي -بفخر- محادثته مع الملك للسؤال عن شحنة تبرعات لمخيم اللاجئين وكيف ابتهج الملك فرحا لإصرار «الزبن» على رفض ادخال الشحنة حرصا على الوطن والملك .
ما تقوم به مؤسسة الغذاء والدواء ومديرية المقاييس مصدر تقدير وفخر لكل اردني , والدعم الملكي لهاتين المؤسستين يكشف ان الفساد مطارد وملعون من رأس الدولة , بمعنى ان كل اشكال التستر على الفساد والغمزات التي كان يقوم بها المسؤولون عن عجزهم في مكافحة الفساد ثبت كذبه وعدم صدقيته , فما يجري الآن من قبل هاتين المؤسستين يكشف ان عصابة الفساد نجحت في التسلل الى اعصاب الدولة فأثرت واغتنت بتحالفها مع منظومة الفساد في القطاع الخاص وما زالت تحاول الدفاع عن مصالحها ووجودها دون وجود مقاومة من جهاز الدولة الاداري الذي يعاني من احباط وسطوة نخبة الفاسدين .
خلال زيارة وفد صناعي الى الصين قام رئيس الوفد الاردني وهو وزير الصناعة والتجارة الحالي بطلب شراء عدادات كهرباء من المصنع الصيني ووافق ممثل المصنع، وعندما أعطاه رئيس الوفد بطاقته ضحك الرجل وقال: « أردني؟ الربش هناك « بمعنى ان التجار الاردنيين لا يتعاملون مع البضائع الجيدة طبعا ليس كل التجار , وهذه اشارة على مدى استهتار تجار بالمواطن ومدى ثقتهم بنخبة الفساد القادرة على ادخال اي بضاعة .
الآن وبسرعة مطلوب من مديرية الامن العام الكشف عن المُتوسطين للفساد بالاسماء الصريحة والوظيفة الحالية وهذا مطلوب من باقي اجهزة الرقابة الرسمية لفضح الفساد والفاسدين ونخبة الاثراء من قوت المواطن وجيبه فهذه الخطوة الاولى لتعرية «طغمة الفساد» وبتر اليد التي تقوم بإطعام المواطن «قمامة العالم» واستخدامه كل الادوات الهشَّة من العاب اطفاله الى ملابسه وادواته والعمل على اصدار قائمة سوداء لكل شخصية عامة تتوسط في الفساد او تتدخل لفاسد وهذا دور المواطن ايضا عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدل استخدام تلك الوسائط لنشر الشائعة والإساءة للوطن .
omarkallab@yahoo.com