أردوغان أمیر داعش والقاعدة في ولایة تركیا...!؟
صطفى قطبي
لقد بدأت تتكشف الحقائق تباعاً، وأولى ھذه الحقائق أن لدىأردوغان وحزبھ وفریقھ السیاسي العدید من الأقنعة لتغطیة
وجھ واحد ھو الوجھ الحقیقي لحكام أنقرة الذین یعتبرون الراعي الحصري للإسلام السیاسي في الشرق الأوسط
ولأحزاب ''الإخوان المسلمین'' على وجھ الخصوص. منذ 2010، أصبح داوود أوغلو، رجل أردوغان المقّرب،
مثلما ھي الحال بالنسبة إلى رئیس جھاز المخابرات الوطنیة ھاكان فیدان، والمنفذ لسیاساتھ، في فتح الحدود على
مصراعیھا أمام آلاف التكفیریین، الذین جاؤوا إلى تركیا وانتقلوا عبرھا إلى سوریة، للقتال ضد الدولة السوریة، بأموال وأسلحة خلیجیة وغربیة، وھذه السیاسة كانت كافیة لـ''تصفیر'' جیران تركیا، إذ تدھورت علاقات أنقرة مع سوریة والعراق وإیران ولبنان، بل وحتى مع روسیا وأرمینیا، تلا ذلك توتر في العلاقات التركیة ـ المصریة، لتصل أنقرة إلى المزید من ''الأصفار'' في خانة العلاقات الخارجیة، التي لم یبق لھا في المنطقة سوى أمیر قطر، وصولاً إلى ''الخلیفة'' البغدادي، ودولتھ المزعومة على حدود تركیا! وأكد نائب برلماني عن حزب الشعب الجمھوري المعارض في تركیا أنھ اتضح أن العدد الأكبر من الأعضاء في تنظیم ''داعش'' ھم من تركیا، حیث انخرط 500 مواطن تركي في صفوف التنظیم الإرھابي للقتال في العراق وسوریة.
وأشار ''كارت'' في تصریحات للصحفیین: إن للتنظیم الإرھابي فعالیات مكثفة في تركیا، فضلاً عن انتشارھم بأعداد كبیرة
في مدن سقاریا وكارامورسل ویالوفا وكرك قلعة وكرشھیر وبینغول، ودیار بكر وأضنة والعاصمة أنقرة، وأضاف: إن
أغلب الأتراك المنخرطین في صفوف ''داعش'' ھم من الذین تلقوا تدریبات وقاتلوا في مناطق الصراعات، ومنھا أفغانستان
والبوسنة والشیشان، موضحاً أن لـ ''داعش'' مؤسسات وجمعیات ومدارس بصورة غیر مباشرة في تركیا، ومدیریة الأمن
على درایة كاملة بكافة فعالیات التنظیم الإرھابي، ولذا فعلى الحكومة التركیة أن تعلن وتعترف بكل التفاصیل المتعلقة
بالتنظیم الإرھابي داخل البلاد.
والخطأ ھو ما وقع فیھ رئیس حزب الشعب الجمھوري التركي المعارض، حین اعتبر أن ''أردوغان'' یحمي ''داعش''،
فالحقیقة، التي لم تعد تحتاج إلى دلیل أو برھان، أن ''أردوغان'' ھو ذاتھ أمیر ''داعش'' في ''ولایة تركیا''، والدلیل وقائع
تحویل بلاده حدیقة خلفیة لتسھیل مرور إخوتھ ''الدواعش'' وتسلیحھم وتمویلھم... وإذا كان ھذا الدلیل غیر كافي لإثبات
ذلك، فإن الصفقة التي عقدھا مع إخوتھ ''الدواعش'' لتحریر دبلوماسییھ المختطفین لدیھم في الموصل دلیل سیاسي مباشر،
حیث تمت المقایضة بین إطلاق سراح الأتراك لدى داعش وإطلاق تركیا الأردوغانیة ید التنظیم الإرھابي في سوریا...
وھو ما یضع السعي التركي أمام امتحان صعب بخاصة أن تركیا لا تستطیع أن تتحرك بمفردھا عسكریاً تجاه النظام
السوري، بما یعني أن مجمل الخیار التركي بشأن الأزمة السوریة بات في أزمة عمیقة وحقیقیة.
وعلیھ ثمة من یتساءل عن أسباب وصول الموقف التركي إلى ھذه النقطة الحرجة إزاء الأزمة السوریة؟ وفي الأصل لماذا
التخلي التركي عن نظریة صفر المشكلات مع دول الجوار الجغرافي والحدیث عن إمكانیة إقامة عمق إسلامي في المنطقة
لمصلحة العودة إلى القیام بدور وظیفي في الإستراتیجیة الأمیركیة تجاه الشرق الأوسط وآسیا؟
یرى مدیر مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتیجیة (أورسام) حسن قانبولاد أن خطأ تركیا في البدایة أنھا رفعت
السقف عالیاً تجاه الأزمة السوریة ومع مراحل الأزمة أحرقت تركیا جمیع مراكبھا. وحقیقة فإن تركیا تبدو في أزمة حقیقیة،
فمن جھة لا مؤشر إلى خیار عسكري بقرار دولي بحق النظام السوري لإسقاطھ كما جرى لنظام القذافي في لیبیا، ومن جھة
ثانیة لا قدرة تركیة على القیام بمثل ھذا الخیار حتى لو كان ھناك تمویل خلیجي للتكالیف، فمثل ھذا الخیار سیكون نھایة
للدبلوماسیة التركیة والتحول إلى دولة استعماریة لن تقبل بھا الشعوب العربیة مع التأكید أن ھذا الخیار غیر مضمون
النتائج، بل قد یكون كارثیاً على الداخل التركي نفسھ الذي یعیش على وقع الأزمة الكردیة القابلة للتحول إلى بارود في أي
ساعة.
وإذا استطاع أردوغان السیطرة، مؤقتاً، على الجیش، بتواطؤ من الولایات المتحدة، وحلفائھا، وبالتعاون مع بعض الأعوان
الإقلیمیین، عبر شراء ذمم، وتحیید، وتجنید بعض جنرالات الجیش التركي، فإن ھذه الأوضاع الشاذة لن تستمر إلى ما شاء
الله، وسیأتي الیوم الذي یعاد فیھ تصویبھا، وإعادتھا إلى مساراتھا الطبیعیة، ولاسیما في ظل تطلعات تركیا الأوروبیة، نحو
وقیم سلطویة استبدادیة تعسفیة وقمعیة نالت مئات الناشطین وبما لا تتفق وقیم ومیثاق ودستور الاتحاد الأوروبي القائم كلیاً الاتحاد الذي لا یقبل في صفوفھ، دولاً ذات ھویات عرقیة ومذھبیة، وتطلعات توسعیة، أو تلك التي تجاھر بإیدیولوجیات
على الاحترام، والوفاء، شكلیاً، على الأقل، والالتزام بالمیثاق الدولي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 /12/12.
ویبقى السؤال المھم: إنھ كیف یمكن لأردوغان، أو داوود أوغلو أن یتخیلا أن نمواً ـ وازدھاراً یمكن أن یتحقق للشعب
التركي، في الوقت الذي یرسل قادتھ القتلة والمجرمین بسواطیرھم ـ وفكرھم المجرم إلى جیرانھ في سوریة ـ والعراق،
ألیس ھذا منطق أحمق وعاجز؟!
فأردوغان یعیش مأزقاً استراتیجیاً، طبیعیاً، أصلاً مع جیرانھ، ومحاطاً بتنویعة غیر محددة من الأعداء والخصوم الذین لا
یكنون لھ أي قدر من الود، والاطمئنان، والركون لتطلعاتھ الإمبراطوریة السلجوقیة والعثمانیة، بدءاً من سوریة والعراق
وإیران جنوباً، إلى أرمینیا وإیران شرقاً، أیضاً، وروسیا العظمى شمالاً، ولیس انتھاء بالیونان وقبرص غرباً، الذین
یبادلونھا ریبة، وھواجس تاریخیة واستراتیجیة مؤرقة، وتاریخاً أسود مظلماً وكئیباً.
إن افتقار العقل السیاسي لحزب العدالة والتنمیة للسیاسات السلیمة والمتوازنة والتموضع في الخانة الصھیو ـ أمریكیة وتمھید
أراضیھ كمنطلق لتقویض الأمن والاستقرار في المنطقة كان الكفیل باختطاف السلامة من جسده السیاسي الطافح بالعرج
والمولد الرئیس للحراك الشعبي المتنامي في الداخل التركي الذي یرفض بشدة السیاسة التي ینتھجھا الحزب الإخواني.
فھل یستمر السلطان المعتوه في تورطھ في الحرب على سوریة والغرق في الأحلام على حساب الدم؟ دون أن یعلم أن
ارتضاء دور الأداة في مسلسل الكبار لن یجلب إلا السقوط المدوي في معادلة ''تسمین العجول'' لا سیما بعد سقوط أول وأھم
المنتجات الإسلامویة في أرض الكنانة ولعل الأمثلة التي تدل على ذلك لیست بقلیلة.
أما الشعب التركي، فقد بدأ یدرك أكثر فأكثر، إلى أین یسیر بھ أردوغان، وبالتالي لن یسمح بأن تكون بلاده تابعة لإسرائیل،
أو أن تتحول إلى مركز لرعایة الإرھاب وتصدیره إلى دول الجوار وبخاصة إلى سوریة والعراق كما فعل بھا أردوغان،
علماً بأن الشعب التركي لا یكن للشعب السوري إلا الخیر والحب وحسن الجوار، وما المظاھرات الاحتجاجیة الصاخبة التي
تشھدھا تركیا بین الحین والآخر إلا شكل من أشكال الاحتجاج على سیاسة أردوغان التي دمرت مصالح الشعب التركي
وعلاقاتھ بمحیطھ العربي والإسلامي.
وترجمة ذلك على الأرض، أن لا أحد فوق القانون الدولي، وإن وجد أردوغان من یحمي عدوانھ، الیوم، واستطاع، حتى
الآن، الإفلات من قبضة العدالة بسبب من معادلات وتوازنات جیوستراتیجیة قائمة ومھمات أطلسیة، فإنھ سیفتقد كل ھذا
غداً، وستجد العدالة الدولیة، ولابد، مجراھا، وطریقھا إلیھ.
ولیس ببعید ذاك الیوم الذي نجد فیھ أردوغان، وزبانیتھ وأزلامھ أمام المحاكم الدولیة. وإن تلك المقولة السخیفة والتافھة التي
كان یطلقھا على أسماع المجتمع الدولي، بخصوص مصیر زعامة ھنا أو ھناك، قد تنطبق علیھ أولاً، وقد یكون، ولا غرابة،
أو استغراب، أحد أولى ضحایاھا الأشقیاء.
إنھا مفارقات القدر الساخرة، وحكم الزمان، التي لا توفر أحداً من أحكامھا، حتى لو كان ھذا الداعشي الأرعن المدعو
أردوغان.
ویجب ألا یستغرب كل شریف في ھذا العالم، من تصرفات الداعشي أردوغان، ذلك أن أردوغان ھو الذي صرح مراراً
وتكراراً، أنھ یعمل على تنفیذ مشروع الشرق الأوسط الكبیر، وتعدیلاتھ اللاحقة، ومن المؤكد أن أحد أھم أدوات المشروع
ھو المال الخلیجي، والإعلام المضلل، وسلسلة أحزاب الحریة والعدالة، والتنمیة الملتحیة، وأما الأداة التنفیذیة لھذا المشروع
الشیطاني فھي تنظیم القاعدة، ومشتقاتھ.
یتحدث الباحث التركي د. مصطفى بیكوز في دراسة لھ بعنوان (حزب العدالة والتنمیة یداً بید مع السلفیین) إلى أن وجود
تنظیم القاعدة والمجموعات الداعشیة في تركیا یعود لسنوات عدیدة، وبدعم مالي من دول الخلیج، حیث كانت تؤسس
الجمعیات، ودور النشر، ومدارس تدریب (المجاھدین) للحروب الخارجیة. والأمر الھام ھنا ھو دعم حزب العدالة والتنمیة
مع المملكة السعودیة لتنظیم ھذه المجموعات في تركیا، تمھیداً للمشروع الذي كان یخطط لھ ضد سوریة.
وتشیر الدراسة إلى أن معرفة تركیا بالفكر الداعشي تعود إلى ستینیات القرن الماضي، بخاصة بعد تلقي الكثیر من الطلاب
لتعلیمھم الدیني في مصر، ومملكة آل سعود، إذ تم تنظیم أول حركة سلفیة داعشیة في تركیا مع تأسیس (نادي ملاطیا
الفكري) في محافظة ملاطیا.
وتصاعد المد السلفي الداعشي في الثمانینات من خلال إرسال الشباب إلى أفغانستان وباكستان لتلقي التعلیم الدیني،
والتدریب العسكري، حیث تعرف ھؤلاء على تنظیم القاعدة، وأقاموا علاقات وثیقة مع بن لادن، وكان لذھاب الشباب
التركي للقتال في أفغانستان، والبوسنة، والشیشان، وكشمیر، وطاجیكستان باسم الإسلام سبباً لمنح ھؤلاء قوة اجتماعیة،
ولبدء نشاط تنظیم القاعدة بوضوح في تركیا.
إن أحد أكثر النقاط المھمة التي لم ینتبھ إلیھا أحد ھي أن تنظیم القاعدة والحركة السلفیة الداعشیة بدت تصبح قوة اجتماعیة
في تركیا، وینقسم تنظیم القاعدة إلى مجموعتین أساسیتین، تتمیزان عن بعضھما البعض فیما یخص طرق الجھاد، إذ یؤمن
جزء منھا بالعمل المسلح، في حین یرى الجزء الآخر أنھ یجب دعم الأنظمة المتأسلمة من أجل تثبیت نفسھا، لكن كلتا
المجموعتین لھما نفس التوجھات الإستراتیجیة، وكلتاھما تتلقیان الدعم من المملكة السعودیة بشكل أساسي، ولكن الجناح
الذي یوافق نظام أردوغان یتلقى مالاً أكثر من ذلك الذي یعتمد العمل المسلح، ویرى أن الأنظمة زندقة.
ینظم السلفیون/الدواعش أنفسھم بشكل مكثف، وأساسي في المحافظات الكردیة، وفي محافظات إزمیر، استانبول، قونیا،
انقرة، أضنة، مرسین، أنطالیا، ھاتاي، مانیسا، بورصة، كوجیلي، وطرابزون.
ویشیر صاحب الدراسة (د. مصطفى بیكوز) إلى أسماء معروفة من أصحاب التوجھ السلفي الداعشي، والتكفیري منھم (فیز
الله بیریشك) المعروف في ملاطیا والذي یتمتع بعلاقات مع تنظیم القاعدة، ومع حزب العدالة والتنمیة.
أما في إزمیر فھناك زعیم الجماعة (عبد الله یولجو) وھو تركماني من موالید كركوك، والذي یتحدث علناً أنھ جاء إلى تركیا
بمھمة من الحركة السلفیة من أجل أسلمة المجتمع، ولدیھ دور نشر، وینظم مؤتمرات، وحلقات نقاش، ویطبع الكتب التي
تدعو للجھاد، وھو یمول من السعودیة بسخاء، وتطبع كتبھ عادة باللغة العربیة وتوزع على الحجاج في فترة الحج، ویتمتع
أیضاً بعلاقات وثیقة مع حزب العدالة والتنمیة، ویدعمھ، كما أن للمذكور علاقات تنظیمیة مع مسلحي تنظیم القاعدة من
ذوي الأصول الكردیة، ویقال إن لھ دوراً ھاماً في إرسال وتجنید الإرھابیین باتجاه سوریة.
أما في أنطالیا، فزعیم المجموعة السلفیة ھو (محمد بالجي أوغلو، الملقب بأبو سعید الیاربوزي) والذي اتھمتھ محكمة أمن
الدولة التركیة سابقاً بحیازة الأسلحة والمتفجرات، وإنشاء منظمة مسلحة لقلب نظام الدولة.
إضافة لھؤلاء یدرج اسم (محمد أمین أكین) الذي سجن لمدة طویلة، ووجد في منزلھ إیصال استلام المبالغ المرسلة من قبل
الملك السعودي، وحالیاً تم بناء مدرسة في منطقة (الیاربوزي) في أنطالیا، وھناك قرابة ألف طالب فقط ممن یدرسون في
ھذه البلدة الصغیرة. ولابد من التأكید أّن أكین، والیاربوزي لھما علاقات وثیقة مع حزب العدالة والتنمیة.
وبالانتقال إلى أضنة القریبة من الحدود السوریة یبرز إسم شخص إسمھ (الملا عمر) الذي تم ترحیلھ من ألمانیا، والمذكور
یعمل على خط أضنھ، والإسكندرون بشكل مكثف، وأحد الذین ینظمون إرسال المسلحین إلى سوریة، ویقول البعض (حسب
الباحث التركي) أنھ موجود في سوریة ویتمتع المذكور بعلاقات وثیقة مع حزب أردوغان.
أما مسؤول الجماعات السلفیة في غازي عنتاب القریبة من حلب، فھو عبید الله أرسلان الذي سبق وتلقى تعلیمھ في بیشاور،
ویدعم علناً انتخاب ممثلي حزب العدالة والتنمیة.
وتبرز الدراسة المذكورة أسماء أخرى من الجناح المتطرف للسلفیین منھم (مراد غزینلار) الذي یدیر دار كتب في قونیا،
وأوقف عام 2002، ولكن تم إطلاق سراحھ لاحقاً لیذھب إلى سوریة فیعتقل في 16 نیسان 2009 من قبل سلطات الأمن
السوریة، والمثیر للاھتمام ھو توسط (أحمد داوود أوغلو) وزیر الخارجیة التركي من أجل إطلاق سراحھ، وھو ما یؤشر
إلى أن المذكور كان مكلفاً بعمل معین من قبل نظام أردوغان ـ داوود أوغلو.
والأدھى من ذلك أن نظام أردوغان قام بإطلاق سراح أعضاء من تنظیم القاعدة منھم (ھالیس بایانجوك ـ الملقب بأبي
حنظلة) الذي أعلن أنھ من أجل القیام بالجھاد یجب أن نحارب في سوریة و(ھالیس بایانجوك) ھو ابن (حاجي بایانجوك)
الذي حكم بالمؤبد بقضیة تنظیم القاعدة ثم تم إطلاق سراحھ مع عناصر أخرى كثیرة من أجل تجنیدھم كمرتزقة في سوریة.
ویبدو واضحاً من المعلومات المذكورة أعلاه أن قصة فرار سجناء القاعدة من سجون لبنان، الأردن، العراق، السعودیة،
تركیا، تشیر إلى علاقة وثیقة لتنظیم القاعدة كأداة تنفیذیة في مشروع الشرق الأوسط الجدید، والذي یقدم الإسلام فیھ
كواجھة، وعدة للنصب والاحتیال، والتلاعب بمشاعر الناس من أجل تغییر الواقع الجیوسیاسي لمصلحة المشروع الأمیركي
ـ الغربي ـ الصھیوني بأدواتھ الأعرابیة، وتحالفاتھا مع أردوغان والخیوط السریة لكل ذلك مع الكیان الصھیوني.
إن تقاطع الطرق بین الولایات المتحدة، وتنظیم القاعدة حصل مرتین في التاریخ، الأولى خلال محاربة السوفییت في
أفغانستان، والآن الثانیة من خلال محاربة السوریین، وتدمیر وطنھم، وتاریخھم وحضارتھم، ذلك أن مجرد استخدام تنظیم
القاعدة ومشتقاتھا، كأداة في التنفیذ، فإن كل ما سبق یؤشر إلى أن الدیمقراطیة، والحریات، وحقوق الإنسان ھي آخر
ھمومھم، إذ لا یمكن أن تتفق كلمتان على الإطلاق وھما: (القاعدة) و(الدیمقراطیة)، فھما كلمتان كالخطین المتوازیین لا
یلتقیان، وإن التقیا فـ(بإذنھ تعالى) كما یدّرس آل سعود الریاضیات لتلامیذھم.
ھذه بعض أسرار العلاقات في ھذا المشروع الجھنمي ضد سوریة، ودور أردوغان وتحالفاتھ مع تنظیم القاعدة ومشتقاتھ.
ھذه المعطیات والأسرار تؤكد أن حكومة أردوغان ستواصل سعیھا إلى إسقاط النظام السوري تحقیقاً لأھدافھا من جھة،
وكي لا تفقد مصداقیتھا في الداخل التركي من جھة ثانیة.
ولكن من الواضح أن الحسابات التركیة قد لا تكون دقیقة، فالنظام السوري ورغم تجاوز عمر الأزمة أربع سنوات، إلا أنھ
في الداخل ما زال قویاً حیث نجح في بسط سیطرتھ على مختلف مناطق الداخل، بل في الحالة التركیة وصل الجیش
السوري إلى النقطة الحدودیة مع الأراضي التركیة بعد أن كان ذلك ممنوعاً علیھ بموجب الاتفاقیات الأمنیة الموقعة بین
البلدین.
فالمعسكر العربي الخلیجي التركي الأوروبي الأمیركي الساعي إلى إسقاط النظام یقابلھ معسكر حلفاء سوریة، أي إیران،
الصین، وروسیا. وكل طرف لھ أسبابھ ومصالحھ وإستراتیجیتھ التي تحشد لھا الطاقات والجھود المختلفة، وفي لغة
الحسابات والمصالح والإستراتیجیات فإن مسألة شن الحرب على النظام السوري لإسقاطھ تبدو مستبعدة نظراً للتداعیات
الخطرة المنتظرة من خیار كھذا في منطقة حساسة فیھا إسرائیل الابنة المدللة للغرب