المرأة العربية في يومها العالمي

دخلنا قرننا الحادي والعشرين منذ عقد من الزمان، دخلناه بأحلام تنبض تفاؤلا نحو مستقبل مشرق وعالم جديد تقوده نظرات مشبعة بأمل التغيير; التغيير نحو الأفضل !!

ربما المرأة كانت أكثر المتفائلين بالغد في ذلك الوقت، تفاؤل بالحصول على المزيد من المكاسب والحقوق المشروعة والتي كانت قد سُلبت منها عبر زمان رجولي لم ينصفها يوما ولم ينصف انسانيتها الفريدة وحقها كالعيش كانسان مخلوق مثلها مثل الرجل !!

عانت نساء العالم عبر العصور من سطوة الرجل وأجبرت للرضوخ لأفكار مجتمعية أهانتها وجعلت منها كائنا مجردا من معاني الانسانية، كائنا اقتصر وجوده لخدمة الرجل وحاجاته.... كانت شبه انسان أو انسانا من الدرجة الثانية !!!

ها هي الألفية الثانية ما زالت في بدايتها، واستطاع العالم خلال هذه الفترة القصيرة ان يحقق انجازات في شتى مناحي الحياة فاقت أهميتها ما حقق خلال مئات السنين الماضية. ولكن اين المرأة من هذه الانجازات؟ وماذا تحقق لها خلال هذه الفترة؟ وخاصة في البلدان العربية !!!

تحقق لها عقد المؤتمرات المطالبة بحقوقها المشروعة، ورش العمل للتحدث عن العنف وتأثيره النفساني والجسماني عليها، اصدار الاتفاقيات والقوانين الحامية لها من جميع أشكال التمييز...وفي احسن الأحوال تعليم المرأة (التطريز) وصنع (المخللات) !!!

كل هذا الكلام من مؤتمرات وورش عمل واتفاقيات و(مخللات) يقبع تحت خانة الكلام غير المفيد وغير المجدي ولا يترجم الى فعل مفيد وحقيقي في الغالب !!!

ما زالت مجتمعاتنا العربية تمتلك تلك الأفكار المهينة للمرأة، الأفكار ذاتها أيام الجاهلية وبالطبع مع بعض التعديلات والتحسينات الملطفة لها !! والمصيبة والداهية الكبرى أن من يحمل هذا الفكر هم شباب جامعيون من المفترض ان يمتلكوا من الثقافة والوعي ما يجعلهم من أشد المدافعين عن المرأة والمطالبين بانصافها وعدالتها قبل المرأة نفسها !! لا نتكلم هنا لمجرد الكلام ولا نضع الكلام حشوا، فنحن طلاب جامعيين واستمعنا الى الكثير من الأفكار (العميقة) عن المرأة; المرأة لا يجوز أن تشاور أو أن يؤخذ برأيها، المرأة (قليلة) عقل، المرأة اذا احترمتها تمردت....والكثير الكثير من هذه الأفكار !!

المشكلة لا تكمن في الرجل وحده، ولكنها تكمن في المرأة نفسها ايضا.... فالمرأة المولودة في مجتمعنا، ماذا تحمل من فكر(وهنا نتحدث عن غالبية نسائنا الا من رحم ربي)؟ انها وبكل بساطة تحمل نفس الفكر المجتمعي المتوارث والذي يحمله الرجل آنف الذكر ايضا !!! فالنساء في مجتمعنا يحاربن أنفسهن ومصالحهن ويركضن خلف أفكار قديمة بجلت الرجل في كل شيء وهمشت النساء في أي شيء !! فنساءنا ما زلن حبيسات ذلك الفكر الأعمى وسجينات (العيب) فيما يتعلق بحقوقهن !!!

عندما نتكلم هنا عن حق المرأة فلا نقصد حقها بقيادة السيارة ولا حقها في العمل ولا حقها في التعليم ولا الانتخاب ولا الترشح !!! فهذه كلها أمور كان يجب الانتهاء من الحديث بها قبل عشرات السنين !! نتكلم هنا عن حقها في المعاملة العادلة مع الرجل وأن تمشي بجانب الرجل (وليس خلفه) ممسكة يده...فكل خطوة للرجل يقابلها خطوة للمرأة.... فبجانب كل رجل عظيم امرأة عظيمة مثله !!!

 

الحل الوحيد لقضية المرأة في وطننا لن يأتي بمناقشة واقناع من يحمل فكرا مبنيا على خطأ منذ الصغر !!! فاقناع حسني مبارك بترك الحكم كان أسهل بكثير من اقناع أصحاب هذا الفكر...

الحل هو المناهج الدراسية وخاصة مناهج الأطفال الصغار !! فعقل الطفل كالمعجون يتشكل بكل سهولة وكما يريد معلمه أو والديه.... فعندما يدرس الطفل بأن "أبي يعمل في الحقل وأمي في المطبخ" في احد الكتب وبعد عودته الى المنزل وتستقبله أمه وبيدها فوطة التنظيف ورائحتها خليط من (البصل) و(الهايبكس)،  فسيترسخ في عقله بأن مكان المرأة هو المنزل !! والنتيجة، سيخرج لنا سلسلة أجيال متتابعة من (سي السيد)!!!

 

" اليوم مئوية يوم المرأة، وهو أيضا يوم الرجل المؤمن بأن النساء لسن نصف المجتمع بتعدادهن فحسب، بل لأن نضج المجتمع لا يكتمل إلا بهن وبعطائهن"

 

أيها الرجال لنجعل من هذه الكلمات التي خطتها الملكة رانيا العبدالله منظورا جديدا لاحترام نساءنا وعطائهن.

 

 

 

مازن جمال الخيطان