مجالس الأمناء في الجامعات

 

منذ تأسيس أول جامعة أردنية كانت مجالس الأمناء من اللافتات الرئيسة التي تحرص الجامعات على انتقاء أعضائها، وأذكر عندما عملت في الجامعة الأردنية في ثمانيات القرن الماضي أنني استقبلت أعضاء في مجلس الأمناء من خارج الأردن، كان من بينهم أحمد زكي يماني وغيرهم، ولقد شهدت المجالس تطوراً سريعاً في تعديل قوانينها استناداً إلى قانون الجامعات الأردنية، وحدد القانون صلاحيات لهذه المجالس، ولقد عملت عضواً في مجلس أمناء إحدى الجامعات الخاصة، وخبرت عن قرب كيف يدار المجلس، وأذكر أن رئيس الجامعة في حينه قد عطَل اجتماعات المجلس لمدة ستة أشهر حتى لا نحضر الاجتماعات لأننا لم نأت بناء على رغبته، ولعل هناك تباين بين أداء المجالس في الجامعات الحكومية والخاصة، إذ أن مجالس الأمناء في الجامعات الخاصة غالباً ما تلبي رغبات صاحب المال، وهو في الغالب رئيس مجلس الإدارة في المؤسسة أو الشركة التي أسهمت في إنشاء الجامعة، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه ، إلى أي حد ساهمت مجالس الأمناء في ضبط وتطوير العملية التعليمية والارتقاء بمستواه في الجامعة المعنية، وهل ينحصر دور المجلس بالتصديق على تنسيبات مجالس الجامعة؟ أم أن له رأي فيما يجري؟ بما فيه فتح فروع جديدة للجامعة في داخل الأردن، وماذا نعني برسم السياسة العامة للجامعة؟ وهل الجامعات تعيش في جزر معزولة بحيث يقوم كل مجلس بالتخطيط والتنفيذ للجامعة لوحدها بما فيه إنشاء الكليات الجديدة وبغض النظر عن الحاجة إليها؟ وهل قامت المجالس بمتابعة تنفيذ الاستراتيجيات وما هي أسس التقويم التي اتبعتها لهذه الغاية؟ ولقد نصت الفقرة (ح) من مهام المجلس على تقييم أداء الجامعة من الجوانب الأكاديمية والإدارية والبنية التحتية، فما هو المضمون العملي لعملية التقيم وأين وصلنا في الجانبين الأكاديمي والإداري؟ أم أن دار لقمان على حالها!.
والسؤال المطروح ما هي أسس الانتقاء بعد إن عرفنا الشريحة التي يتم الانتقاء منها، وهل تخضع المجالس في أعلى سلم التعليم لما تخضع له مجالس الشركات والمؤسسات من الترضيات، وهل نطرح إمكانيات التفرغ الجزئي لمأسسة عمل المجالس، بحيث نتجاوز فيها شكلية التمثيل والتشكيل إلى لب الموضوع، وهو إنتاج شيء جديد مخالف لما سبق.
عندما طرح الأمريكان ورقة في ثمانيات القرن الماضي بعنوان ( أمة في خطر)، كان موضوعها التعليم بمخرجاته من المدارس والجامعات، ونحن نطرح نفس العنوان لنفس المحتوى وهو التعليم ومسؤولية أعلى المجالس على إعادة التقييم بما يخدم التوجه الحقيقي لرسالة الجامعات، باعتبار التعليم المهنة الأقدس التي تتعامل مع الإنسان لتشكيل مسيرة جديدة له فكرياً وإدارياً وبالتالي ولوجه الأمن إلى سوق العمل في زمن البطالة والفقر.
drfaiez@hotmail.com