الإسلام هو الحل، كشعار «فارغ»!
هناك من يعيش اللحظة الراهنة ويواجه تحدياتها، وهناك المحافظون الذين يعيشون في الماضي، ومنهم إسلاميون يحلمون بعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، وأيضاً علمانيون يحلمون بتولستوي ولينين وستالين وبما حدث في الستينيات. وكلاهما يتحمل مسؤولية تعطيل الحراك وعدم دفعه إلى الأمام.
هكذا يتحدث الرجل الثاني في الحركة الإسلامية التونسية، وأحد مؤسسيها، الشيخ عبد الفتاح مورو، في أحد أهم الحوارات التي يجريها إسلاميون، خاصة بعد مرحلة ثورات الربيع العربي.
مجرد أن تقرأ العناوين الرئيسة للحوار، تدرك أنك أمام رؤية بالغة الأهمية، لواحد من أبرز القيادات التاريخية للحركة الإسلامية في بلاد المغرب العربي، حيث تصل إلى رؤية جديدة، حيوية، للمشهد، وفيها شيء من المراجعة العلمية، والنقد الذاتي الجريء، وكلها أمور شديدة الأهمية للحركة الإسلامية، والوطنية بعامة، وهي بأمس الحاجة اليها.
مما قاله مورو، في حواره مع صحيفة «العربي الجديد» اللندنية، نقرأ، مثلا: * الإسلام هو الحل « شعار فارغ».. والإسلاميون ليسوا خياراً دائماً/ لم تدرك الحركات الإسلامية أن المطلوب حالياً هو نظرة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الراهن/ لا يوجد في أدبياتنا كحركة إسلامية مبحث خاص بالحكم في العصر الحديث من منظور إسلامي/ لم يكن أحد من أصحاب القرار في العالم يرغب في أن يكون الإسلاميون هم البديل عن تلك الدكتاتوريات التي أطاحت بها الشعوب/ الإسلاميون أخطأوا عندما تصوروا بأنهم البديل. لم يعملوا على جعل الحراك الثوري هو البديل عن الدكتاتورية/ الحراك عندي الآن هو حراك وطني، يجب ألا يعادي الكيان الإسلامي العام/ التحالف الدولي وجد لإعادة ترتيب المنطقة. هو مجرد غطاء لمشهد جديد!
هذه مجرد عناوين رئيسة لحوار مورو، الذي يعتبر، كما تقول الصحيفة، شخصية تونسية جذابة ومثيرة للجدل، وهو تاريخياً، أول من بدأ في تونس بالقيام بنشاط دعوي، وهو طالب في كلية الحقوق، وعندما رجع راشد الغنوشي من دمشق، التقى الرجلان ليراكما خبرتهما مع آخرين، فكانت بذلك الخطوات الأولى نحو تأسيس الحركة الإسلامية التونسية، التي تعتبر حركة النهضة اليوم أهم تعبيراتها. وهو يُعتبر اليوم أحد أبرز وجوه الصف الأول في الحركة، وإن كانت آراؤه السياسية واجتهاداته الفكرية لا تعبر عن الحركة رسمياً.
مقال كهذا لن يتسع لعرض كل ما جاء في الحوار، ناهيك عن مناقشته، فلا بد من قراءة الحوار كاملا، ولكنني سأتوقف هنا عند حديث الشيخ مورو عن شعار «الإسلام هو الحل» تحديدا، الذي لم يزل الشعار «الرسمي» المعتمد للحركات الإسلامية، حيث يقول، آه هذا شعار فارغ درج على ألسنة الشعوب وعلى ألسنة قادة الحركات الإسلامية من دون وعي بمضامينه، وهو يشبه شخصاً مريضاً يأتي للعلاج فيقال له بأن الطب هو الحل. نظرياً القول إن الإسلام هو الحل صحيح، ولكن على مستوى المضمون الحل هو الذي سنقوم نحن باستنباطه وبنائه على قاعدة «أنتم أعلم بأمور دنياكم»، ولم يقدم لنا تفاصيل القضايا والبدائل.
هذه لمحة سريعة عن هذا الحوار، رغبت في لفت النظر إليه، لعل فيه ما يعين الأخوة في الحركة الإسلامية في بلادنا على إعادة النظر في كثير من المسلمات التي أوردتهم وأوطانهم، مهاوي الردى!
hilmias@gmail.com