استطلاع الرأي.. أين تقف الأغلبية في الأردن؟

أخبار البلد

أعلن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أمس، نتائج استطلاع للرأي حول مواقف الأردنيين واتجاهاتهم حيال عدد من القضايا الراهنة؛ الوطنية والإقليمية.
الاستطلاع مهم للغاية في مواضيعه وتوقيته، ونتائجه أيضا. ويتعين على المواطنين والنخب السياسية؛ الرسمية والحزبية، أن تطالعه بعناية، لتصويب وتطوير توجهاتها المستندة في بعض الأحيان لمفاهيم نمطية، وانطباعات شخصية.
لأول مرة، يُطلب من الأردنيين أن يقولوا رأيهم في الجماعات المتشددة التي ظهرت على سطح المشهد السوري والعراقي مؤخرا؛ "داعش" و"جبهة النصرة"، و"عصائب أهل الحق"، والجماعات السابقة في وجودها، كحزب الله في لبنان، وغيرها العديد من الظواهر والتطورات، وما رافقها من تحولات في نظرة الأردنيين لمصادر التهديد للأردن.
لا يمكن القول إن هناك انقساما جوهريا في الرأي حيال جماعات كداعش وجبهة النصرة؛ الأغلبية تنظر إلى "داعش" بوصفها جماعة إرهابية، ولا يساندها في الأردن سوى 7 بالمائة من أفراد العينة الوطنية، و4 بالمائة من أفراد عينة قادة الرأي. النظرة مختلفة نوعا ما إلى جبهة النصرة؛ إذ لم يتمكن 52 بالمائة من أفراد العينة الوطنية من تحديد موقفهم منها؛ إن كانت حركة إرهابية أم مقاومة مشروعة. 44 بالمائة فقط قالوا إنها حركة إرهابية، و60 بالمائة عند قادة الرأي.
بيد أن الأهم هو قناعة الأغلبية من أفراد العينتين بأن "داعش" تشكل في هذه المرحلة المصدر الأكثر تهديدا للاستقرار في الأردن.
وإذا أخذنا في الاعتبار نسبة الـ17 بالمائة التي تنظر إلى "جبهة النصرة" على أنها مقاومة مشروعة، والـ7 بالمائة المؤيدة لداعش، ونسبة الـ15 بالمائة التي تنظر إلى "القاعدة" بوصفها مقاومة، فيمكن للباحثين وأصحاب القرار أن يصلوا إلى تقدير أولي لوزن تيار السلفية الجهادية في الأردن، وحجم القاعدة الشعبية المؤيدة لأفكاره.
اللافت هو التدهور المستمر في شعبية حزب الله. فبعد أن شكل لمرحلة مضت عنوانا للمقاومة، كان يحظى خلالها بدعم شعبي واسع، بات اليوم منظمة إرهابية في نظر 42 بالمائة من الأردنيين. بالطبع، أسباب هذا معروفة، وتخص موقف الحزب من الأزمة السورية، واصطفافه السياسي والعسكري إلى جانب النظام.
التحول الموضوعي في وجهة نظر الأردنيين حيال الأوضاع في سورية يبدو جليا؛ إذ لم تعد هناك أغلبية تساند النظام أو المعارضة، فقد انتقلت الكتلة الكبرى إلى منطقة وسطية لا تفضل طرفا على الآخر.
داخليا، تظهر نتائج الاستطلاع ارتفاع الثقة بمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية إلى مستوى قياسي، مقابل تآكل الثقة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية. الثقة بالحكومة دون الخمسين بالمئة، وبمجلس النواب أقل من ذلك بكثير "31 بالمائة". بينما تجاوزت معدلات الرضى عن المؤسسات العسكرية والأمنية حاجز التسعين بالمائة.
يعكس هذا التفاوت في تقييم الرأي العام، شعورا سائدا بأن حالة الاستقرار في الأردن تعزى لقوة تلك المؤسسات. في مقابل ذلك، ترد الأغلبية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى سوء السياسات الحكومية، وسلوك مجلس النواب الذي يوصف في العادة بالانتهازي.
لكن هذا ليس وضعا مثاليا على الإطلاق؛ الثقة العالية بالمؤسسة العسكرية والأمنية وتراجع الثقة بالمؤسسات السياسية للدولة.
الأغلبية من الأردنيين يشكون من المشاكل الاقتصادية والمعيشية. ولا يمكن التغلب على هذه التحديات إلا بوجود مؤسسات سياسية "حكومة وبرلمان"، تحظى بالثقة والرضا. هنا يكشف لنا استطلاع الرأي مدى الترابط بين الإصلاح الاقتصادي والسياسي.