اوّل الرقص حنجلة !!


يبدو ان بوادر المستقبل المرتقب للمنطقة العربية الملتهبة في الشرق الاوسط بدأت تظهر للعيان ترافقها ارهاصات تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد تنبىء بقرب حصول تغييرات جذرية في المنطقة وعلى جميع الصعد السياسية منها والاجتماعية .

ويبدو ايضا ان ما سمي بالربيع العربي شكّل فقاعة كبيرة او بالون ضخم للاختبار قد يكون اوصل المراقبين والمهتمين واصحاب المصالح الاستراتيجية إلى قناعة بان المنطقة باتت (منبطحةً) باستسلام على المنضدة المعدة لها سلفا بانتظار مقصّات ومشارط صقيلة الحدّ ان تفعل فعلها في ذلك الجسد الذي انهكته الايام والاحداث فغدا كحصانٍ هرمٍٍ تهتّكت صهوته بفعل الراكبين( وخيّالة ) المكاسب الذين ما اهمّهم يوما حال الحصان عطش او جاع او مرض بقدر ما كان اكبر همهم الحصول على منافع ومكاسب والبخترة زهواً وتيهاً في الميادين بالرغم من انهم لم يخرقوا الارض ولم يبلغوا الجبال طولا... وهيهات ... ما كان لهم ذلك ولن يكون .

لقد عرفنا الوسطية وهذه الامة في اوج عظمتها صنوان لا يفترقان وكذلك عرفنا العدل وهذه الامة في قمة احترامها لنفسها وجهان لعملة واحدة وعرفنا التسامح وهذه الامة قد احتضنت مزيجا من الاجناس والطوائف والاديان عاشت وتعايشت على هذه الارض فلم تعرف ارهابا او ارهابيين ... وما عرفنا التطرّف الا نباتا غريبا وزرعاً شيطانياً ياتي من بعيد متطفلاً على سنابل القمح واغصان الزيتون التي طالما زيّنت على هذه الارض قباب المساجد واجراس الكنائس واطعمت الفقير والبائس وابن السبيل ولم تسأل له عن طائفةٍ او دينٍ او عرق .

يبدوا انه يرادُ لرمالِ العرب الساكنة والساكتة بفعل ترياق سايكس –بيكو منذ ما يقارب قرنٍ من الزمان ان تتحرك بفعل الهزّات العنيفة التي تعرضت لها المنطقة منذ حرب الخليج الاولى الى غزو العراق ثم الاحداث والقلاقل التي تبعت ما يسمى عندنا بالربيع العربي وعند غيرنا بالفوضى الخلاقة ! والتي شهدت ابانها المنطقة حركات وجماعاتٍ نمت واستفحلت كالاعشاب الاستوائية وانظمةٍ كشّرت عن انيابها وطفقت تسوم شعوبها سوء العذاب ومنتهزي فرصٍ عملوا على تهويد الارض وسفك دماء اهلها على مرأى ومسمع من العالم الذي يدّعي رفض ومحاربة الارهاب ... احداثٌ وظروف ابطلت مفعول ترياق سايكس بيكو فزلزلت المنطقة التي قد ينتظرها ترياق او تعويذةٌ اخرى تجبرها على ممارسة عادة السبات العميق لردحً قادم من الزمن .
لا شك ان الارهاب والتطرف صنيعةً للظلم والطغيان والقتل والتشريد واغتصاب الاوطان وهتك المقدسات ولا شك ايضا ان مهندسي الخرائط السياسية والعرّافين لرسم الحدود الوهمية واعادة هيكلتها كلما استدعت المصلحة يعرفون ذلك بل يعرفون ايضا ان آفات التطرف تنموا وتتورّم على خضراء الدمن فتغدوا كمرض خبيثٍ ينتشر انتشار النار في الهشيم في جسد هذه الامة التي يبدوا انها تنسى او تتناسى قولها الماثور : ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى انت جميع امرك !

لقد باتت المنطقة تعاني من عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بما يطرأ على الارض من احداث وما ينشأ من حركاتٍ هنا وهناك هيئتها تغاير واقعها وغايتها لا تبرر وسيلتها تحارب من يسلحها ويمولها اعاديها! ... تلك طلاسمٌ توحي بان وراء الاكمة ما وراءها والخوف كلّ الخوفِ ان تكون تلك هي (الحنجلة) ..! امّا الرقص فسيأتي في مقبل الايام ..
صالح ابراهيم القلاب