انتبهوا لخطباء المساجد

منذ الجمعة الماضي وانا استمع الى ملحوظات متشابهة حول خطب الجمعة في اكثر من مسجد، داخل العاصمة وخارجها، وتركيز الخطباء على الدعوة لنصرة المجاهدين في "العراق والشام".

اختصار الدعوة للمجاهدين في "العراق والشام" واضحة تماما انها تصب في مصلحة ما يسمى "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، ولا يتجرأ حتى الان الخطباء في مناصرة داعش، لكن اذا تركت الامور في الجمع المقبلة فلا ندري ان كانت داعش سوف تتلقى دعوات النصر من خطباء وزارة الاوقاف الذين يتقاضون رواتبهم من خزينة الدولة الاردنية.

ليست دعوة لتكميم افواه الخطباء، ولا حتى توجيههم للخطاب المعادي لداعش، لكنها دعوة للتفاهم مع هؤلاء الخطباء بان ما يقومون به يتناقض مع اولويات الدولة التي يعيشون فيها، ومع الجهات التي تسمح لهم بالخروج الى الناس لمخاطبتهم في ما يمس حياتهم، وليست المنابر منصات ترويج لفكر متطرف لا ندري الى اين سوف تصل بنا الامور بسببه.

هناك تقصير شديد ممن يدعون الاعتدال في تيار الاسلام السياسي في كشف ممارسات داعش وانه ليس لها علاقة بالاسلام المتسامح، ولا اعتقد ان هذا التقصير عبثي، بل هو في صلب فكر هذا التيار المعتدل، لانه في حقيقة الامر لا يختلف كثيرا عن فكر داعش، لهذا لا ينتقده ولا يدينه ولا يهاجمه باية طريقة كانت، لا بل يصمت عليه.

لم نستمع حتى الان الى ادانة مباشرة من قبل جماعات الإسلام السياسي، والاخوان المسلمون على رأسهم يدينون ممارسات داعش، وان تم حشر اي من قياداتهم في زاوية الاجابة المباشرة، يدعون لهم بالهداية، ويحملون الانظمة مسؤولية ولادة هذا التطرف.

صحيح ان الانظمة المستبدة تتحمل مسؤولية ولادة داعش والتطرف، لكن الاسلام السياسي الناعم يتحمل مسؤولية خطف الاسلام والحديث باسمه من قبل داعش واشكالها المتعددة، فالجميع شركاء في صناعة هذه الوحشية ضد الانسانية.

هذا ليس جديدا على ما يسمى التيار الاسلامي المعتدل، فهو لم يتجرأ يوما على ادانة تنظيم القاعدة وممارسته، فكيف يدين الآن دولة داعش، بعد ان رفع لسنوات شعار "الإسلام هو الحل"!.