إغلاق السوق السياسية السوداء
عند الحديث عن أي قضية مهما كان نوعها سياسية او اقتصادية او اجتماعية... وترتبط بالناس وتجلب ردود افعال واراء ، فان واجب الجهات الرسمية ان تعمل بعقلية خبراء تفكيك المتفجرات من حيث الاحساس بقيمة الوقت ، لأن أي وقت مهما كان قليلا يساهم اليوم في تشكيل قناعات وترويج اقاويل حتى لو كانت ضعيفة المنطق او بلا ادلة او براهين.
الوقت لم يعد في صالح احد عند أي حدث ، والامر لم يعد كما كان سابقا حيث ينتظر الناس بيانا رسميا حتى لو احتاج ساعات وربما أكثر ، لأن الجميع لديه منابر للتعبير الكترونيا واعلاميا وسياسيا ، والامر لا يقتصر على احداث تخص الجهات الرسمية بل كل الجهات من قطاع خاص واحزاب وحتى اشخاص وعائلات.
والامر الهام ايضا وجود رواية واحدة قوية منطقية تقدم لتفسير او تبرير او توضيح الموقف او الحدث والرواية الكاملة تعني غياب التناقض بين اراء أكثر من طرف ، وتعني التفاصيل قابلة للتسويق ، وتعني أيضا مسؤول مقتنع بالامر وقوي في تسويقه.
دائما يكون سبب الارباك او ضعف التسويق او عدم تصديق الراي العام للرأي الرسمي يعود الى التأخير في اعلان الراي والرواية ، وايضا ان تغيب الرواية الكاملة التي تخلو من التناقض او الثغرات ، وهذا ما يفتح للتشكيك وتسويق روايات اخرى ، وبخاصة ان الراي العام بشكل عام لا يتقبل بسهولة الاراء والمواقف الرسمية ويتعامل معها بتشكيك ، ولهذا فان أي حادث يحتاج الى جهد كبير ومهني في تسويق وتقديم الرأي الرسمي حتى لو كان « رسميا « لحزب او شركة او أي جهة.
الرواية الكاملة الخالية من التناقض والعيوب وادراك اهمية الوقت هما العاملان الرئيسان في التعامل مع الراي العام ولاغلاق السوق السوداء للروايات الاخرى ، والامثلة الايجابية عديدة كما ان الامثلة السلبية عديدة ، ولهذا فما جرى اخيرا في قضية حفريات عجلون مثلا نموذج يصلح للدراسة من حيث طريقة التعامل وكيف كان تعامل الراي العام بما فيه مؤسسات دستورية مثل مجلس النواب لم تقبل الرواية الرسمية وتصوت لحفر المنطقة مرة اخرى !! ، والامر ايضا ينطبق على قضايا سياسية كبرى غابت عنها الرواية الكاملة فتحولت الى قضية جدلية ضعف معها الجوهر.