ضـرورة إعلان الأحكام العرفية الأخلاقية!


بات المجتمع والحياة السياسية في الأردن ينظر بقلق إلى احتمال حدوث تضييق أمني على التعبير السياسي نتيجة سيادة تيار "مكافحة الإرهاب” على التفكير السائد بل أن البعض يتوقع إعلان الأحكام العرفية قريبا. في واقع الأمر وبناء على مراجعة لمدى التدهور في القيم الذي حدث مؤخرا في البلاد وعلى عدة مستويات ربما نحن بحاجة إلى إعلان الأحكام العرفية ولكن ليس السياسية منها بل الأخلاقية.
دعونا نكون واضحين هنا، نحن لا نقصد بالأحكام العرفية الأخلاقية مؤسسة تشبه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحاول فرض نمط سلوك معين على المواطنين لأن المجتمع الأردني متعدد الثقافات والقيم ولكن ربما ما نحتاجه منظومة مراقبة أمنية، وملاحقة تشريعية صارمة لكل السلوكيات والممارسات العامة سواء من التجار أو السائقين أو المواطنين العاديين الذين يتسببون بإهمال، وعدوانية وجشع وقلة ضمير في إيقاع الأذى بمواطنين آخرين.
مدننا أصبحت أكبر، واصبحنا نستقبل الزوار المنتظمين واللاجئين بشكل مستمر. اقتصادنا يعاني من عدم القدرة على مواجهة الغلاء والفقر والبطالة والتنافس المهني الهائل والصراعات اليومية بين المواطنين للبحث عن لقمة العيش. ثقافتنا لا زالت حبيسة الماضي في مواجهة ثقافات ووسائل اتصال حديثة تغير الكثير من المفاهيم الاجتماعية. استجابة الدول والمجتمعات لهذه التحديات التي تنتشر في العالم كانت مختلفة، ولكن في نهاية الأمر فإن هناك أربع أدوات مواجهة ضرورية لمنع هذا التردي الأخلاقي وتقليل آثاره.
الدين هو وسيلة دفاع رئيسية فالشخص الذي يخاف الله بالفعل وليس من خلال المظاهر الخارجية لا يمكن أن يقوم بإيذاء أحد عامدا وسوف يبذل كل جهد ممكن حتى لا تؤدي تصرفاته إلى إيذاء أحد بطريقة غير مباشرة. المجتمع الأردني يتميز بمظاهر دينية خارجية عالية الانتشار وكلنا أمل في انتشار الواعز الديني الأخلاقي كذلك. العائلة عنصر رئيسي في مواجهة التردي الأخلاقي من خلال التربية التي تشكل اساسيات الأخلاق الاجتماعية ولحسن الحظ أن المجتمع الأردني لا يزال متمسكا بالقيم العائلية ولكن بعضها يحمي الممارسات غير القانونية تحت بند "حماية تماسك العائلة” وبعضها الآخر يشجع على ذلك تحت مبرر "حماية شرف العائلة”!
الأمن من أهم مقومات النظام الاجتماعي وفي الأردن أثبت جهاز الأمن العام كفاءة عالية في اكتشاف الجرائم المختلفة ولكنه بات يعاني من الضغط والزيادة في نسب الجرائم والتعدي على الأمن الاجتماعي وقيام المطلوبين أمنيا بالاستعانة بعائلاتهم وعشائرهم وشبكاتهم الاجتماعية للهروب من القانون.
العنصر الرابع هو التشريعات وفي الواقع هناك ثغرات في التشريعات الأردنية تسمح أحيانا بتهرب المجرم من عاقبة أفعاله وخاصة فيما يتعلق بقضايا جرائم الشرف وارتكاب المشاكل تحت طائلة السكر وغيرها من الثغرات التي لا بد من إغلاقها حتى تكون رسالة التشريعات الأردنية واضحة وهي عدم وجود تسامح مع الخطأ والجريمة.
الأحكام العرفية الأخلاقية باتت مطلوبة في مجتمعنا وهناك حاجة إلى تغليظ العقاب والمراقبة من أجل الردع في المقام الأول ومن أجل العقاب وأن يعرف كل مخطئ بأنه سوف يدفع الثمن مهما كانت قوة شبكته الاجتماعية لأن البديل عن ذلك هو فوضى تتسبب في تهديد حياة المواطنين وكل مقومات الأمن الاجتماعي في الأردن.