الإصلاح السياسي ليس وشيكا و انتقادات للحكومة لإهدار الوقت في ترتيبات بيروقراطية تنتهي بتشكيل لجنة للحوار الوطني برئاسة المصري

بسام بدارين - إصرار رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت على وصفة بيروقراطية كلاسيكية مكررة في تشكيل لجنة الحوار الوطني التي يفترض ان يترأسها طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان لا يؤشر إلا على رسالة سياسية واضحة وهي ان الإصلاح السياسي ليس وشيكا وسيكون ـ إن حصل أصلا - بطيئا وبيروقراطيا لان كل الترتيبات البيروقراطية التي اتخذها البخيت حتى الآن لا تتعلق بالإصلاح بقدر ما تتعلق بحوار وطني يقرر ما هو الإصلاح.
ومن الواضح سياسيا ان المكتوب كما يقال يقرأ من العنوان فقد بدأ البخيت موسم الحوار الإصلاحي الموعود بمراسلات من مكتبه للهيئات والأحزاب والنقابات يطالب فيها بتسمية مندوبين لها في لجنة الحوار الوطني خلال ثلاثة أيام، كما قرر فيما يبدو ان تتجول اللجنة بعد تشكيلها في 12 محافظة في المملكة وان تحصل على سقف زمني يقترب من سبعة أشهر.
وذلك لا يعني كما يرى المحللان السياسيان محمد أبو رمان وفهد الخيطان إلا إهدار الوقت في هذه النمطية من الترتيبات البروتوكولية والفشل وضياع فرصة إضافية لتحقيق قفزات إصلاحية سريعة وواثقة تحتاجها البلاد في الداخل والخارج او هذا ما تسربه الشخصيات الرسمية.
ويفترض ان يغرق الجميع في تفصيلات التركيب الهامشية لشكل وهوية عضوية لجنة الحوار على حساب القضية الجوهرية رغم ان المطلوب وفقا لأبو رمان واضح وهو شخصيات سياسية وطنية موثوقة تفكر في قضية محورية هي قانون الانتخاب وبصيغة تمثل الجميع او الغالبية على الأقل.
وسيتأخر عمل لجنة البخيت المفترضة عدة أسابيع قبل ان تبدأ بالجلوس على الطاولة او حتى التفكير بأي أجندة إصلاحية سياسية ليس فقط بسبب الترتيبات البيروقراطية، ولكن أيضا بسبب عدم حسم قصة الشبهة الدستورية والخطأ البروتوكولي الأساسي التمثل بعدم جواز تكليف رئيس سلطة التشريع بأي مهمة من قبل رئيس سلطة التنفيذ وهو ما حصل بين المصري والبخيت.
يحصل ذلك فيما يعمي الجميع في البلاد أعينهم عن حقائق واضحة تقول بأن وثيقة الإصلاح الجذرية متاحة وموجودة على رفوف حكومة البخيت الأولى من عام 2006 في ملف مطبوع بأناقة ومزركش بألوان العلم الأردني وتعلوه الغبرة بعدما أنجزته لجنة ملكية عريضة أهم من لجنة المصري باسم الأجندة الوطنية التي طار منظرها ورئيس لجنتها مروان المعشر خارج البلاد يأسا من تجاهلها.
ويحصل فيما تحرك النواب لتشكيل لجنة حوار وطني موازية بعدما علموا بأن الحكومة قررت استثناءهم من تركيبة وعضوية اللجنة الكبرى، الأمر الذي يعني تزاحما في المبادرات الإصلاحية وتنافسا في بعض الأحيان سيعيق الحركة ويربكها في كل الأحوال مع ان وثيقة الأجندة الوطنية تتضمن حلا معقولا جدا لكل مسارات الإصلاح السياسي وتحديدا قانون الإنتخاب في معالجة اتفق عليها إسلاميون ويساريون وقوميون ومستقلون إبان لجنة المعشر.
ومن الواضح ان الأسقف الزمنية البطيئة التي تنسجم مع طبيعة البخيت الإدارية لن تساهم في أي خدمات للحكم والحكومة في الشارع بما في ذلك تكتيك مماطل من طراز الإيحاء بأن المؤسسة تتحرك في الفضاء الإصلاحي علما بأن الإنطباع العام في البلاد يقول: الموضوع المطلوب تخديره أو دفنه ينبغي ان تشكل لجنة لدراسته وهو ما حصل في برنامج إصلاحي لا يحتاج لأكثر من قرار سياسي وحكومة مؤمنة قادرة على التنفيذ.
ولجنة الحوار الوطني عالقة او متعثرة بالمعنى السياسي حتى قبل ولادتها وغرقت قبل تشكلها في بحر الحسابات الفنية والإدارية الكلاسيكية التي لا تعني في المحصلة إلا ان حجارة الإصلاح ستوضع قريبا على النار في قدر الحكومة ورموز الحرس القديم مع أن عشرات الدلائل الأمنية والسياسية متوفرة الان وتقول بوضوح بأن الأوضاع قد لا تحتمل المماطلة والتسويف.