النقل العام في عمان.. هل تتحقق المعجزة؟
تقوم مجموعة من المواطنين في عمان بتنفيذ حملة إعلامية وتوقيع عريضة لأمين العاصمة للحث على تطوير نظام متكامل للنقل العام ليسهم بحل الأزمة الأزلية التي تعاني منها عمان ولا تزال تتضاعف في غياب النقل العام عن المدينة. في واقع الأمر ربما لا توجد عاصمة مشابهة في العالم بضعف النقل العام وعدم تمكنه من تغطية احتياجات المواطنين، حيث يبدو كأن عمان مدينة مخصصة فقط لسائقي السيارات وليس للمشاة أو مستخدمي وسائل النقل العام.
في موازاة هذه الحملة أعلنت أمانة عمان ووزارة النقل عن موافقة وكالة التنمية الفرنسية على تقديم قرض لتنفيذ مشروع الباص السريع في عمان بعد 4 سنوات من ايقافه لأسباب لم تعلن حتى هذه اللحظة. مشروع الباص السريع في حال تم تجاوز بعض المشاكل الهندسية التي ترتبط بمساره سيكون أفضل حلٍّ لأزمة النقل العام في عمان. هذا المشروع ليس اختراعا فريدا من نوعه ومدن كبرى مثل لاجوس في نيجيريا واسطنبول في تركيا تمكنت من بناء نفس النموذج في مدن مزدحمة وذات شوارع أكثر ضيقا من شوارع عمان وهذا كله بفعل استمرار الدعم الحكومي للمشروع وعدم تدخل أصحاب المصالح في ايقافه.
ما يقال عن شائعات الفساد في مشروع الباص السريع هو أمر مضحك لسبب بسيط جدا وهو أن الدعم المالي المقدم لدراسات الجدوى والدراسات الهندسية والمراحل الأولى من التنفيذ هي أموال فرنسية ومن المعروف أنه لا يتم صرف أي فلس من هذه المساعدات دون موافقة المركز الرئيس للوكالة الفرنسية. إذا كانت هنالك مشكلة في مشروع الباص السريع فقد تتعلق بالخيارات الهندسية لمسار الباص وربما المشكلة الأكبر هي في ضغوط أصحاب المصالح من شركات النقل الخاص وغيرها لمنع لمضي قدما في هذا المشروع.
الباص السريع ليس إلا جزءا من منظومة يجب تطويرها لاحترام حق المواطنين في الحصول على خدمات النقل العام النظيفة والمنظمة والمتناسبة مع احتياجات عاصمة تفخر بمدى التطور والحداثة التي وصلت لها. تقترح العريضة التي يتم التوقيع عليها حاليا مجموعة من الحلول التي يمكن تنفيذها بالموارد المتاحة ولو مرحليا لتحسين الوضع الراهن. من هذه الحلول توفير المعلومات عن خدمات المواصلات العامة (توزيع خرائط خطوط سير النقل العام في المواقف والأماكن العامة وعلى المواقع الإكترونية، ومن خلال تطبيقات الهواتف الذكية(، الالتزام بالمواقف والمواعيد المحددة، والالتزام بجميع محطات الخطوط وكذلك توفير نظام موحد للدفع الإلكتروني والأخذ بعين الإعتبار إعطاء خصومات للمواطنين كثيري الإستخدام لوسائل النقل كالطلاب والعمال والموظفين وكل شخص يختار النقل العام كخيار للتنقل، وذلك عن طريق توفير بطاقات أسبوعية/شهرية/سنوية لغايات التوفير.
حدوث مزيج من الإرادة السياسية والتصميم الإداري والإبداع الهندسي ومنع أصحاب المصالح الخاصة من التأثير على القرارات من شأنه أن يساهم في تحقيق نقلة نوعية نحو معجزة كنا نتمنى دائما تحقيقها في عمان وهي تطوير شبكة متكاملة للنقل العام تخدم المواطنين والزوار كما في كل عاصمة حديثة أخرى في العالم.