الرؤية العشرية في البحر الميت
الرؤية العشرية للاقتصاد الأردني لم توضع بعد بشكل ورقة أو وثيقة نهائية مقررة، فما زلنا في مرحلة العصف الذهني، ومع ذلك فقد بدأت الفكرة تعطي ثمارها سلفاً من حيث انها دفعت المسؤولين للخروج من الدائرة المفرغة للعمل اليومي، وليفكروا في المستقبل، ويتساءلوا: أين نحن الآن، وأين نريد أن تكون في المستقبل؟.
انعقاد الخلوة في منطقة البحر الميت بعيداً عن عمان يرمز إلى حالة التحرر من المشاغل اليومية وتخصيص وقت للتفكير بالمستقبل. فأنت لا تستطيع أن ترى الزوبعة وأنت بداخلها، فلا بد أن تبتعد عنها لتراها. لكن انعقاد الخلوة في يوم عطلة يرمز إلى أن العمل اليومي ما زال هو الأساس، وأن التفكير بالمستقبل يعتبر من الكماليات أوالرياضة الذهنية التي يجوز ممارستها في اوقات الفراغ وليس على حساب المشاغل اليومية
ألقى رئيس الوزراء ووزير التخطيط خطابين لتحديد الأهداف المطلوب تحقيقها وتسمية التحديات الرئيسية التي تواجه الأردن وقد لخصتها (الرأي) تحت عناوين: الطاقة، المياه، النقل، الفقر، الفوارق التنموية، الحالة الإقليمية المضطربة، النمو الاقتصادي، التنافسية، التشاركية، الإرادة السياسية، مناخ الاستثمار، مستوى المعيشة، عجز الموازنة، ارتفاع المديونية إلى آخره، وكل هذا لا يثير خلافاً ولا يستدعي اجتهادات مختلفة.
وزير التخطيط أشار إلى (برنامج تنفيذي)، وهنا مربط الفرس ومجال الاجتهادات المختلفة. المسألة لا تدور حول ماذا نريد، بل كيف نصل إلى ما نريد في ظل الظروف والمحددات الراهنة وفي المقدمة محدودية الموارد المالية في وقت لم تعد فيه المديونية مصدراً معتمداً للتمويل.
أبو التحديات هو شح الموارد المالية، ذلك أن التعامل مع معظم التحديات التي سماها المسؤولون يحتاج إلى المال، ولكن الموازنة تعاني من العجز، كما أن حل مشكلة المديونية يتطلب في الحد الأدنى عدم السماح بارتفاعها.
التمويل الذاتي عن طريق الرسوم والضرائب، وإن كان قابلاً للتحسين، إلا أنه محـدود ويتناقض مع هدف رفع مستوى معيشة المواطن، أما الاعتماد على المنح الخارجية فيعني أن عنصر الإرادة السياسية غير كاف وأن تحقيق الرؤية يعتمد على ظروف خارجية غير مؤكدة.
المطلوب إذن حلول إبداعية وليس مالية.