قصص متشابهة



عندما تركب مع سائق تكسي لابد أن يسرد عليك خلال الطريق مجموعة من القصص المتشابهة ، فربما يخبرك عن "سعاد" التي وقع في حبال عشقها ولكنها سرعان ما تخلت عنه وتزوجت شاب آخر ، وربما يخبرك أيضا أنه كان من رجال الأعمال "وبلعب بالمصاري لعب" ولكنه بالمختصر "انكسر" وأصبح يعمل على التكسي لسد رمقه ورمق أولاده.

أحيانا أخرى عندما يقودك القدر للجلوس بين مجموعة من الأشخاص "الختيارية" وفي معرض الحديث عن ارتفاع أسعار العقارات والأراضي ، فمن الطبيعي أن يبدأ البعض بتداول نفس القصص المتشابهة ، فقد يقول قائل أنه عرضت عليه منطقة طبربور كاملة لقاء "راسين" من الحلال ولكنه رفض بحجة أن حلاله كان يعتبره أنذاك أعز من أبناءه ولا يمكنه التفريض فيه خاصة أن أغلب حلاله وقتها كان "معشر" ، فيتشجع آخر ليخبر الباقين بأنه عرضت عليه في السبعينات كافة أراضي عبدون مقابل بيضتين بلديات ولكنه رفض، فيشرد بذهنه في الحديث ويقول " يا عمار على هذيك الأيام كانت البيضة مهر عروس".

حتى الحلاقين قصصهم متشابهة ، فما أن يبدأ الحلاق بربط المريول على رقبتك حتى يبدأ باخبارك عن المسؤوليين المهميين والممثلين والمطربين اللذين "حلق" لهم شعرهم خلال مسيرته مع المقص. وأن العديد من المسؤوليين أعطوه أرقام هواتفهم للاتصال بهم فيما لو أراد خدمة، أي خدمة ولكنه كان في كل مرة يمحي أرقامهم ويمزق أوراقهم بحجة أنه "حالقلهم" للعلم الحلاق وحده من يعرف طعم الحلاقة.

منذ عقود والقصص الحكومية أيضا متشابهة ، عجز الميزانية وارتفاع الدين الخارجي وارتفاع نسبة البطالة ومدى الدعم المقدم للسلع والخدمات ....ألخ من قصص باتت معروفة ومحفوظة عن ظهر قلب أكثر من قصة السندريلا وقصة روميو وجولييت.

كل تلك القصص وإن كانت توحي بالملل وبالألم اعتدناها وصدقناها ، لا لشيء بل جبر خاطر حينا ، وتماشيا مع مقولة " خلي العقل منك" حينا آخر.


المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com