المرض الذي ينتقل إلى الطبيب!
تقسيم بريطانيا العظمى هو ذاته التقسيم الذي خلّفته في مستعمراتها، فقد خرجت من الهند بعد تقسيمها الى هند وباكستان، ومن قبرص الى قبرص التركية وقبرص اليونانية، ومن فلسطين اليهودية والفلسطينية.. ومن عشرات الدول في افريقيا وآسيا فالقائمة تطول!
كنا في كارديف عاصمة اقليم ويلز قبل سنوات وتعرفنا لدى لقائنا برئيس البرلمان المحلي الى لغة الويلش، التي اصر على استعمالها في حديثه إلينا عبر مترجم. وقد سألناه: لماذا لا يتحدث الينا بالإنجليزية وهو عضو مجلس العموم البريطاني. فأجاب بانه الان يتحدث باعتباره رئيس مجلس ويلزي!
.. طبعا لقد تعرفنا على كلمات ويلزية في رواية ليدي تشترلي، ولكنها لا تشير الى شخصية الجنائني الفظ الذي يمارس غراميات محرمة مع سيدة القصر الذي يعمل فيه!
اما الذين شاركوا في الاستفتاء من الاسكتلنديين فربما ستصوت الاكثرية هذه المرة للبقاء في المملكة المتحدة وقد صوتت قبلها عام 2011، لكن حجم هذه الاكثرية لن يزيد على 3%، ومعنى هذا ان المستقبل ليس للاتحاد، وان دولة سكوتلندا، ستنفصل في النهاية، ومثلها ويلز، ومثلها ايرلندا الشمالية ولن يبقى الا الانجليز.. ولندن.. والملكة!
اشرنا الى وباء التقسيم في كل بلده غادره الانجليز، لكن التاريخ علمنا من فظائع الانجليز في اوروبا الكثير: فالامبراطورية النمساوية التي كانت وريثة شارلمان، تقسمت بالمساعي الانجليزية بعد الحرب الاولى الى دول منها دول يوغوسلافيا الست، والمجر،.. وتحولت الامبراطورية الى دولة صغيرة اسمها النمسا بسكان عددهم وقتها خمسة ملايين فقط!
والتاريخ يضع اصابعنا على خارطة الكيان العربي في آسيا. فقد ثار العرب من اجل التخلص من النير العثماني، وتحالف مع بريطانيا بعد اعترافها بكيان عربي حر ومستقبل من جبال طوروس الى عدن، ومن زغروس الى شواطئ المتوسط وانتهى التحالف الى افظع خيانة شهدها التاريخ الحديث باقتسام سوريا الطبيعية مع فرنسا وتجزئة سايكس - بيكو المعروفة، ووعد بلفور الذي اعطى فلسطين للصهاينة اليهود!
انقسام بريطانيا العظمى هو مرض «الايبولا» الذي تنتقل عدواه من المريض الى الطبيب والممرض. وهي حالة غير مستهجنة في علم الامراض!