الأردن والغموض المقصود
كلّ العيون، الصديقة والخصمة والعدوة، على الأردن، فهو الدولة العربية الوحيدة التي تحدّها «الدولة الإسلامية»، من الشمال، حيث العراق والشام، وحيث يتلخّص اسم «داعش»، وهو الدولة يمكنها أن تجعل ممّا يُسمّى بالتحالف العالمي لمكافحة الإرهاب تحالفاً مؤثراً، قادراً على تغيير الواقع.
وكلّ قلوب الأردنيين على وطنهم، فقد أصبحوا حسب السفيرة الأميركية الجديدة أقليّة ضئيلة في بلدهم، وهم يتابعون مطر الأخبار الغزير وهو ينهال عليهم مؤكداً، مرّة، أنّ أرضهم تضمّ معسكرات تدريب للمسلحين السوريين والعراقيين، وثانية أنّها مصدر تهريب السلاح، وثالثة أنّه جاهز لإرسال قوات على الأرض، ورابعة أنّه هدف «داعش» المقبل، وخامسة وسادسة وسابعة.
وبالضرورة، فإنّ الأردن يتعرّض إلى ضغوط هائلة للتورّط أكثر فأكثر في الحرب التي بدأت فعلاً، وبالضرورة فهناك مغريات هائلة لمثل هذا التورّط، وبالتالي فإنّ الخيارات تبدو محدودة، ولكنّ التجربة علّمتنا أنّ عمّان كانت تخرج من مثل هذه المواقف بتوازن دقيق، بين تجنّب الضغوط والحصول على بعض المغريات.
في حديث مع رئيس وزراء سابق، في يوم مثل هذا اليوم، أكّد لي أنّ القرار الدائم هو التدخّل الإنساني، والبعد عن التورط العسكري المباشر، وفي كتاب «الأردن على الحافة» يتحدث السفير البريطاني الأسبق في الاردن، تشارلز جونستون، عن التوازنات الدقيقة التي سيظلّ يمرّ بها الاردن نظراً لوضعه الجغرافي وظروفه الاجتماعية، ويبقى أنّ الغموض المقصود الذي يتّسم به موقف عمّان الآن، قد لا يستمر طويلاً.