لا تفرحوا بحل مجلس النواب
قد يكون الشعب الاردني الوحيد في العالم الذي يفرح، وينزل الى الشوارع ابتهاجا اذا حُلَّ البرلمان، ويفرح أكثر إذا ما وُجِّهت صفعات أكثر إلى أعضاء مجلس النواب.
لأن هناك شعورًا بأن المجلس لا يمثلهم، بل يمثل عليهم، وأنه يبحث عن مكتسبات ومزايا شخصية، ولا تهمه المصلحة العامة، وانه قد جاء بقانون متخلف، وبشبهات فيها تزوير فاقت كل انتخابات..
هكذا يقوّم الاردنيون مجلس النواب، للأسف.
من الناحية الشعبية، فقد المجلس مصداقيته في أكثر من منعطف، واكتشف الاردنيون انه لا يحل ولا يربط، كل هذا وغيره صحيح، لكن هل في مصلحة حياة البلاد السياسية إسقاط قيمة العمل البرلماني في عيون الاردنيين؟ وان لا قيمة لاصواتهم التي تذهب إلى صناديق الاقتراع؟.
اذا حُلَّ مجلس النواب، وأُسقطت عضوية أعضائه الـ 150، فإن نسبة العائدين منه تتجاوز دائما الـ 75 % وبأصواتنا نحن الناخبين، فما قيمة الحل واعادة التدوير دون ان نضع لبنة أساسية في الحياة السياسية، والاصلاح من خلال قانون انتخاب عصري تقدمي يفرز الأفضل والاكفأ، ولا يسمح لأميي العمل السياسي والشعبي والرقابي بالوصول الى تحت القبة.
اذا بقينا نتحدث عن النواب بالطريقة السلبية التي تزدحم بها وسائل التواصل الاجتماعي والردود الشعبية الحادة، فسوف نصل الى مرحلة اليأس والكفر من العمل البرلماني، عندها لن ينفع اي حديث عن الاصلاح السياسي الشامل.
إذا، فمربط الفرس في أي تطور باتجاه الإصلاح يرتبط عضويًا بالانتخابات البرلمانية، وقبلها إيجاد قانون انتخاب يُحصِّن الإصلاح ويحافظ على مكتسبات البلاد الديمقراطية جميعها، أمّا غير ذلك فكلُّه هوامش وتفاصيل لا تعني شيئًا، والفحص الحقيقي للأحزاب والنشطاء السياسيين هو صناديق الاقتراع، فالذي يهتف في الشارع ويرفع منسوب شعاراته، وفي الواقع لا يستطيع إقناع أقرب المقربين منه لانتخابه وتكليفه تمثيلهم، يضعنا أمام فقاعات صابونية سوف تكشف عنها الايام.
كثيرون يتعجلون حل مجلس النواب الحالي، وربما هم على حق، للأداء الذي قدمه النواب في الفترة الماضية، إلا أن الذين يطالبون بتسريع حل مجلس النواب، ينطلقون من مواقف وأسباب مختلفة، فبعضهم ساءهم أن يكونوا خارج المجلس بكل الحسابات، ويريدون ترحيل المجلس الحالي بأسرع وقت وتحت أشكال المبررات كلها، من أجل تصويب خطأ مواقفهم والعودة لاحتلال مواقع تحت القبة.
قانون الانتخاب هو مختبر فحص نوايا الحكومة في الإصلاح السياسي، والاشارات بالالوان المختلفة كلها تشي ان مشروع القانون جاهز ينتظر اللمسات الاخيرة، والضوء السياسي الاخضر، باتجاه الذهاب الى مخرجات لجنة الحوار الوطني، والتوافق العام على اعتماد قانون انتخاب عصري يرتكز على التمثيل النسبي.
العرب اليوم