شبكة الأمان وصندوق النقد
يقال في الموروث الشعبي: «من فرعنك يا فروعون؟ رد الأخير قائلا : لم أجد من يردني»، هذا ينطبق -الى حد كبير- على علاقتنا مع صندوق النقد الدولي، الذي كلما زارت بعثاته المملكة تأتينا بشروط و» وصفات علاجية» قاتلة، وفي الجولة الأخيرة للبعثة التي تصول وتجول في أوراقنا وأروقتنا، تطالب بتسريع تنفيذ البرنامج الخاص بأسعار الطاقة الكهربائية بحيث يتم رفع الأسعار بشكل كامل في نهاية العام المالي 2015، بينما الاتفاق كان ينص على بلوغ ذلك في نهاية العام 2017.
وبهدف تفكيك شبكة الامان الاجتماعي المعتمدة والمعمول بمثيلاتها في معظم دول العالم، تطالب البعثة العتيدة برفع الدعم عن خبز الناس الذين -بالكاد- يستطيعون تلبية احتياجاتهم الاساسية من مأكل وملبس وقائمة قصيرة من السلع والخدمات، أما قانون ضريبة الدخل تطالب برفع النسب الضريبية على القطاعات والافراد، علما بأن معظم دول العالم تعتمد الضريبة العامة على المبيعات، وتخفض ضريبة الدخل لتشجيع الاستثمارات المحلية واستقطاب المزيد من الاستثمارات الاجنبية، وان القبول بهذه الوصفة يعني تعقيد الاستثمارات واضعاف مناخ الاستثمار الاردني.
أما دعم الاعلاف تعتبره بعثة صندوق الدولي نوعا من الهدر ويتناسى مسؤولو صندوق النقد ان الدعم الزراعي والثروة الحيوانية معمول به بسخاء في الدول الاوروبية وغير الاوروبية نظرا للتشابك الاقتصادي وانعكاساته على المجتمع، اما في الولايات المتحدة الامريكية صاحبة اكبر اقتصاد في العالم ومثيلاتها في اوروبا فهناك دعم بدل البطالة، وبدل اعانات الفقراء على شكل كوبونات لتلقي الطعام والشراب بشكل يكفل عيش كريم، ومع ذلك تستكثر علينا بعثة صندوق النقد تمكين الفقراء من العيش بحدوده الدنيا.
لقد تقلصت قدرات المواطنين على تلبية احتياجاتهم الى مستويات متدنية، أما المستثمرون فقد ينظرون الى بيئة الاستثمار وارتفاع الكلف باستغراب، لذلك ليس من باب الصدفة ان نجد مستثمرين ارتحلوا الى مناطق اخرى بحثا عن فرص افضل وبيئة استثمار اكثر نضجا، وفي هذا السياق فإن الدراسات القطاعية ودفاتر الخزينة العامة للدولة تشير الى رفع الضرائب والضرائب الخاصة على قطاع الاتصالات ساهم في انخفاض حصيلة الايرادات المحلية من القطاع الذي يعتبر احد محركات النمو الرئيسة في الاقتصاد الاردني، وان تحميل هذا القطاع وغيره من القطاعات الاخرى اعباء اضافية سيؤدي الى الاضرار بالقطاعات والاقتصاد الكلي والايرادات الكلية للخزينة في نهاية المطاف.
للضرائب والرسوم المختلفة وظائف اقتصادية اجتماعية لتسهيل الانفاق العام وتحسين بيئة الاستثمار، وهي بشكل اوضح شكل من اشكال اعادة توزيع الثروة وبلوغ درجة عالية من العدالة، اما الغرم والجباية ستؤديان الى الحاق اضرار بالغة بالاقتصاد والمجتمع الاردني وتحول دون تقدمه.