إعدام عمّان ...!! بقلم م. عبدالرحمن

بعد أن عرفت في الخمسينات بظهور الفن التشكيلي الجميل فيها، وبدعم الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقى والأدب وتشجيعها، وبنشاطها الثقافي والفني المتزايد، والحراك المسرحي في بداية الستينات، وبالموسيقى المتميزة التي تجمع بين الثقافة البدوية والحضرية في المدينة، والكلاسيكية المتمثلة بأوركسترا وطنية حاضرة في معظم المناسبات الوطنية، وبعد أن كانت تشهد ازديادا بالأنشطة والمهرجانات الجميلة المحلية والعربية منذ إعلانها عاصمة للثقافة العربية عام 2002م، وإطلاق مشروع مسرح التراث الموسيقي الأردني فيها، وافتتاح مشغل النحت العربي، ومهرجان عمان للأفلام الوثائقية، والمعرض الشامل للفن التشكيلي العربي، إضافة لإفتتاح شارع الثقافة، والمباشرة بتصميم دارة الملك عبد الله الثاني للثقافة والفنون لتكون معلما ثقافياً على مستوى المنطقة، وتبني وزارة الثقافة تجربة المدن الثقافية، كما حدث في إربد والسلط والكرك والزرقاء ومعان تباعاً، مما أتاح قدر أكبر للانفتاح الثقافي والأدبي على المدن الأردنية الباقية وعدم حصرها بالعاصمة فقط.
وبعد أن كانت مقاهي عمّان تجمع المثقفين والأدباء من كافة أنحاء الوطن العربي في أواسط القرن الماضي وإلى وقت قريب، أصبح يراد لنا اليوم أن نفتح أعيننا كل شهر على مهرجان يخطط لإقامته في عمان الثقافة والفنون، وليست المشكلة في إحتضان المهرجانات الهادفة التي طالما إستضافتها العاصمة الأردنية والمدن الأردنية الأخرى، لكن ما نقف أمامه مستهجنين ومستغربين هو أن يراد تنظيم مهرجانات مستوردة من ثقافات لا تمت لثقافتنا العربية والأردنية بصلة، مهرجان تلو الآخر لا يهدف إلا إلى مزيد من تغريب شبابنا وتغييب عقولهم وفصلهم عن أمتهم وثقافتهم فصلاُ تاماً، وإضافة إلى ذلك عكس صورة مغايرة تماماً لشبابنا وعاصمتنا لتصبح مدينة مهرجانات الألوان والبيجامات والخمور!!
ومن الضروري هنا التأكيد على أن من يسعى إلى ذلك سواء من أبناء جلدتنا أو غيرهم يعملون سواء كانوا قاصدين أم لا على "إعدام" عمان الثقافة، عمان الرقي والحضارة، ويريدون إحلال عمان الإنحلال مكانها.
ومن الواجب علينا جميعاً الوقوف بوجه هذه الجريمة للحفاظ على ثقافتنا وإرثنا الوطني، وأول المسؤولين عن ذلك هم وزارة الثقافة الأردنية والمجلس الأعلى للشباب.
فلا يمكن أن يكون هناك مكان بيننا لأي أحد يعمل على إعدام عاصمة الأردنيين وتاريخها، وبالتالي يعمل على إعدام كل مدينة أردنية، وكل ثقافة أردنية، وكل موروث أردني هو رأس مال كل أردني عرف معنى أن يعشق تراب وطنه ويحافظ عليه.