حل مجلس النواب!
أخبار البلد - اسامه الرنتيسي
منذ انتهاء جلسة مجلس الأمة المشتركة الخميس الماضي، وإقرار الاعيان والنواب قانون التقاعد الخاص بهم، الذي استقبل شعبيًا بالاستنكار والاستغراب، تطفو على سطح الحياة السياسية في البلاد فكرة حل مجلس النواب واجراء انتخابات نيابية مبكرة.
بداية لا اعتقد ان هذا السيناريو ممكن الحدوث، الا اذا ارتبط بمجموعة عوامل وتغييرات دراماتيكية ليس على المستوى المحلي الوطني فقط، بل على مستويات اقليمية، برغم الخطأ الكبير الذي وقع فيه مجلس الامة.
المحور الجديد الذي يتم بناؤه على المستوى الدولي يحتاج التعامل مع ارتداداته الداخلية الى توافقات بين السلطات التنفيذية والتشريعية في البلاد، ويبقى السؤال: هل يمكننا ان نصل في يوم من الايام الى تركيبة برلمانية اكثر مطواعية من المجلس الحالي؟ ، أنا شخصيا، بكل تواضع، أشك في ذلك، برغم الصوت العالي لبعض النواب الذي نسمعه دائمًا، وفي كل المفاصل.
بعد الخطأ الكبير الذي ارتكبه مجلس الأمة في قانون التقاعد، أصبح الأمر محيرًا لصانع القرار، فاذا صادق على هذا القانون المرفوض شعبيًا، فيبدو كأنه يؤيده، ويغطي على قرارات المجلس ويحميها، ولا أعتقد أن رأس الدولة سوف يفعل ذلك في هذه الظروف.
لذا يبقى الحل الآخر بعيدًا عن آثام مجلس النواب، وهو ألّا يصادق الملك على القانون الجديد خلال ستة اشهر، وبالتالي؛ يعتبر القانون بحكم المصدق عليه والنافذ.
مَن يعتقد أن أقصر الطرق لكسب الارتياح الشعبي امام جلالة الملك هو بحل مجلس النواب مخطئ بالقراءة السياسية الموضوعية، حتى لو كانت الترويجات الاعلامية لحل المجلس فيها مصداقية، وحسب التسريبات بأن مصدرها الديوان الملكي.
في التسريبات الأخرى، معلومات عن ان الحكومة قررت، بالتفاهم مع الملك، وضع مشروع قانون الانتخاب الجديد على جدول الدورة البرلمانية العادية منتصف الشهر المقبل، بعد أن قُدمت تطمينات كثيرة للنواب بأن إقراره لا يعني حل المجلس.
مهما كان حجم المبررات التي يجري ترويجها لحل المجلس، ومِن أبرزها مواجهة استحقاقات التحالف الدولي لضرب داعش، ووضع الرأي العام الأردني في حالة سياسية أقرب إلى العُرفية، وتهيئة الأجواء لعودة جماعة الاخوان المسلمين الى العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات، وصولًا إلى قرب حل نهائي للقضية الفلسطينية، فإنها مبررات لا تخدم الحياة السياسية في البلاد، بل تضعفها.
ومهما كانت الملحوظات على تركيبة مجلس الأمة الحالي فإن تغييب الحياة البرلمانية مدة عامين مثلما يتيح الدستور للملك، ليس في مصلحة البلاد، ولا ينسجم مع الرؤية الاصلاحية التي تحدَّث الملك عنها في الورقة النقاشية الخامسة التي نشرت قبل أيام.
هذا في الموقف، أما في المعلومات فإن تقريرًا غربيًا يُناقَش في مطبخ صُنع القرار، مُلخَّصه؛ انه بعد اقرار التعديلات الدستورية وبالسرعة التي تمت فيها، فإن الوصول إلى الحكومة البرلمانية، يعني بالضرورة إقرار قانون انتخاب جديد، وهو الآن جاهز، وحل البرلمان الحالي، وإجراء انتخابات مبكرة في نيسان العام المقبل، معيارها الرئيسي "انتخابات نزيهة".