هل النائب موظف!
الأصل في النائب أنه ناشط سياسي يحمل مبادئ معينة يريد تطبيقها بالتعاون مع آخرين مماثلين له ومنظمين في أحزاب سياسية ذات برامج معلنة. لكن بعض نوابنا المحترمين لا يرون أنفسهم كممثلين للشعب بل كموظفي حكومة ، ومن هنا يمنحون أنفسهم رواتب شهرية وتقاعداً مدى الحياة ومزايا استثنائية.
في العالم يحصل النواب على مكافآت لسد نفقات السفر والإقامة ، وربما ثمن الوقت المحدود الذي يصرفونه في الخدمة العامة ، أما نوابنا فلا يصرون على الرواتب الشهرية شأن الموظفين وحسب ، بل يريدون تقاعداً بدون شروط التقاعد المدني ، إذ تكفي خدمة سبع سنوات.
حتى عام 1989 كان النائب الأردني يتقاضى من الخزينة 400 دينار شهرياً كمكافأة ، أما التقاعد فلم يخطر ببال أحد.
النواب يريدون المساواة مالياً مع الوزراء ويتجاهلون الفرق الشاسع في الحقوق والواجبات ، فالوزير يداوم ثماني ساعات يومياً ، وخمسة أيام أسبوعياً وأربعة أسابيع شهرياً في حين يحضر النائب ما يروق له من الجلسات المتباعدة إذا لم يرتأي الغياب بعذر أو بدون عذر.
معظم النواب والأعيان أطباء ومحامون ومقاولون وتجار ورؤساء مجالس إدارات ، يمارسون مهنهم ويتقاضون أتعابهم ، في حين أن الوزير ممنوع من كل هذا ومتفرغ تماماً ، فضلاً عن أنه ُطلب إلى الوزارة ولم يبذل الغالي والنفيس ليفوز بالنيابة.
المفروض أن المرشحين يتنافسون على النيابة لتقديم خدمة عامة ، أما أن يحدث التنافس بجميع أشكاله بما فيه شراء الاصوات لمجرد الحصول على تقاعد من المال العام غير مستحق ، فهذا ما لا يخطر على بال.
لنفرض جدلاً بأن النواب والأعيان يستحقون رواتب ، وأنه يحق لهم دون خلق الله الجمع بين الرواتب والتقاعد ، كما يحق لهم زيادة رواتبهم ومزاياهم وإعفاءاتهم. حتى في هذه الحالة فإن أبسط مبادئ الديمقراطية والكرامة والحيلولة دون تناقض المصالح ، تقتضي أن يكون تطبيق الزيادة أو المزايا على البرلمانات القادمة فلا يستفيد منها من اتخذ القرار.
المواطنون يرفضون هذه الشراهة للمال العام. وقد سبق لجلالة الملك أن رد قانوناً مماثلاً. ومع ذلك فإنهم يريدون المال بالرغم من الجميع.