منع تقاعد النواب بإرادة ملكية
يستحق النائب امتيازات اضافية وراتبا مرتفعا وتقاعدا مجزيا لمدى الحياة، وذات الامر بالنسبة للوزراء والاعيان وكبار المستشارين ومن ماثلهم في المسؤولية او لف لفهم، إذ لا يعقل ان تشغل مثل هذه المناصب بدون رواتب عالية وامتيازات خاصة وتقاعدات كبيرة جراء ما يقدمونه من واجبات تؤمن مستقبل الدولة وابناء الشعب والاجيال القادمة. ومثل هذه الامتيازات لا تثير حفيظة أحد ولا تواجه باحتجاجات او اي اتهامات، حتى ان الاصل أن ينص عليها بالدستور حتى تستقر كنمط في الحكم وإدارته.
وينبغي ايضا ان تمتد الامتيازات لينعم النائب بالحصانة مدى الحياة وألا يحاسب على اي قول، ولا ينبغي ان ينطبق ذلك على الوزراء لانهم في الاصل تنفيذيون لبرامج، في حين يحتل النائب مكانة المخطط والمفكر والمشرع والمراقب وهذه مؤهلات ذهنية ترتقي بصاحبها منزلة الفلاسفة وبناة المستقبل، ولكونها تلقي على عاتقه المسؤوليات العظام كلما أقر جديدا او استبدل قديما.
هكذا هو الامر بالنسبة لنواب الدول الديمقراطية، وهو راسخ في بريطانيا وفرنسا وبلجيكيا وغيرها، وفي واقعها يكون النواب ممثلين لفكر وبرامج حكم سياسية واقتصادية ويتحملون مسؤولية مستقبل الدولة في مستويات امنها وسلامتها ومستقبلها بالمستويات كافة، وبذات الوقت يتحملون مسؤولية الاخفاق في اطار نظام محاسبة صارم وضمن حدود دائرة النواب انفسهم. أما اختيارهم فيتم ضمن شروط فنية واحترافية وبناء على قدرات معروفة وخبرات مجربة، ولذلك يكونون نوابا بمواصفات بقدر الحاجة لهم لينوبوا عن الشعب.
وإن علم بأن من شروط ان يكون الاردني نائبا اجادة القراءة والكتابة فإنه الامر الكافي جدا لاستهجان الراتب الذي يناله وليس التقاعد الذي ينتظره فقط، والمشرع الذي يقر لنفسه ما يرفضه لمن يمثلهم تسقط عنه الصفة اخلاقيا، ولم يعد مفهوما كيف لعاملين في السياحة والطيران ومتعطلين ومذيعين ومتقاعدين وباقي المهن التي كلها شريفة ان ينالوا امتيازات لم تستوجبها مهنهم وتخصاصتهم الاصلية اساسا.
العيب بيّن في آلية تمثيل الشعب وطرق الاختيار، وهو لا ينسجم ابدا مع الاوراق النقاشية الملكية التي تبحث في تعميق التحول الديمقراطي، واستمراره يحولها الى ترف فكري لن تنفع معه محاولات الترويج الاعلامي الذي يخبو بعد ايام قليلة من صدور كل ورقة، الامر الذي سيتكرر مع الخامسة. وعليه يكون مجديا منع قانون التقاعد باعادته وعدم وشمه بالإراده الملكية.