ورقة الملك : مراجعة واستشـراف


تُشكل الورقة الملكية الخامسة الفصل الاخير من الرؤية الملكية لشكل الواقع السياسي المأمول , مع قراءة للواقع , بحيث يتم تجسير المسافة بين الواقع المعاش والامل المستقبلي , وتكشف بداية الورقة الى ان الملك قد راقب بعناية تفاعلات الاوراق النقاشية الاربع السابقة , واجرى جردة حساب لضبط الايقاع الحركي للحكومات وضبط الاداء النيابي على ايقاع المصلحة العامة وليس وفق الاشتراطات المناطقية او الفئوية الضيقة .
الاوراق القادمة وكما اشار الملك ستكون لمعالجة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي , بمعنى ان الرؤية السياسية قد استقرت على تداول ديمقراطي للحكومات البرلمانية الناجزة تحت مظلة الملكية الدستورية , والى حين انضاج الحكومات البرلمانية ثمة مسارات يجب المرور منها بالمشاورات الجادة للتشكيل , وارساء الرقابة البرلمانية الرشيدة على الاداء العام وتشكيل الاحزاب البرامجية القادرة على استلام الحكومة وتسليمها بأمانة ويسر وتجويد اختيار الشعب لممثليه وربط الحقوق بالواجبات .
الاشتراطات السياسية للوصول الى النهايات السعيدة واقعية وتحاكي تجارب العالم كله في الوصول الى الاستقرار السياسي وتداول السلطة الحكومية , لكنها ما زالت رؤية ملكية لم تنسحب بعد على باقي مؤسسات الدولة ولم يستقر في وجدان اركان الدولة ما استقر في وجدان الملك من رؤية اصلاحية مستقبلية وسبق للملك ان اشار الى ادوات التعطيل الرسمي لبرامجه الاصلاحية ورؤيته للملكية الدستورية .
لا احد يختلف مع الملك ولا عليه ولا على دوره في الحياة السياسية كما قالت الورقة الخامسة " ويقع على الملك، بصفته رأسا للدولة وقائداً أعلى للقوات المسلحّة، مسؤولية الدفاع عن قضايانا المصيرية المرتبطة بالسياسة الخارجية وأمننا القومي، وحماية تراثنا الديني ونسيجنا الاجتماعي وذلك من خلال مجلس الوزراء الذي يتولى إدارة جميع شؤون الدولة استنادا إلى الدستور. كما أن على الملكية الاستمرار بدورها كحام للدستور ولمقومات الحياد الإيجابي والاستقرار والعدالة، بالإضافة إلى مسؤولية الملكية كفيصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتجاوز حالات الاستعصاء السياسي عند حدوثها " بل ان الموثوقية الشعبية كلها في الملك ودوره لا في اي طرف اخر من اطراف العملية السياسية .
الاستعصاء السياسي الحاصل , ان الثقة الشعبية تتراجع في ادوات الحكم وسلطاته التنفيذية والتشريعية كما تكشف استطلاعات الرأي , وهذا زاد من الاعباء على الملكية التي باتت تتحمل اخطاء السلطات التنفيذية والتشريعية , بشكل يستدعي حلولا خلّاقة للتعجيل في اقرار قوانين الحكم المحلي واللامركزية والانتخابات النيابية والاحزاب للوصول الى توافق وطني على مشروعية تمثيل السلطتين التنفيذية والتشريعية وتجميد القرارات الموجعة للسلطتين .
نعرف اننا نضغط على الملكية لتوسيع مساحة دورها حتى الوصول الى الحكومة البرلمانية , ولكنها هي الضمانة الوحيدة للشعب ولكل المكونات السياسية والنقابية والمجتمع المدني , وهي المخولة شعبيا بالتحدث عن الوطن وناسه , وهي القِبلة الشعبية للوجع وللفرح , والاهم ان طبيعة التكوينات السياسية وتشابك وتعقيد صورة السلطتين التنفيذية والتشريعية لا يجعلهما مؤهلتين للقيام بالاصلاح المرحلي والتأسيس للاصلاح المستقبلي دون الضمانة الملكية .
فالاوراق الملكية ذاتها لم تحظ بالعناية والدراسة والتعميم اللازمين من السلطتين التنفيذية والتشريعية وبعض نخب صالونات النميمة التي استشعرت القلق من الاصلاح الذي يرعاه الملك وتحاول ان تنقل التدريج المطلوب الى التعطيل المأمول منها وهذا اصل الحكاية وفصل مقالها .