لافروف متخوف.. وأوباما لا يحترم عقولنا


وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر قالها ذات يوم، بوضوح وبصراحة قل نظيرها في السياسة الأميركية الخارجية: إن «الولاء لأميركا أخطر من معاداتها، فالعداء لها له مخاطره. والتحالف معها يقترن دائماً بالمصائب والدمار».
بهذا الوضوح يمكن قراءة تخوف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من قيام الولايات المتحدة بقصف مواقع سورية ضمن سعيها لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» «داعش» سابقاً، لأن بلاد العم سام لا تتدخل في أي حرب خارجية إلا على أساس مصالحها العدوانية وبذرائع خبرها الجميع إلا من تعمد وضع غشاوة على بصره وبصيرته.
التخوف الروسي يشكل رسالة واضحة للمنطقة وللعالم تقول: إن مكافحة الإرهاب تستدعي تخلي الغرب عن التمييز بين الإرهابيين وسياسة المعايير المزدوجة، وضرورة محاربة الإرهاب كله وليس تحييد الخطر في منطقة واحدة دون أخرى. كذلك لا يمكن محاربة الإرهاب في سورية بالتوازي مع مطالبة الرئيس بشار الأسد بالتخلي عن منصبه.
دمشق كانت واضحة منذ البداية عندما قالت للجميع تعالوا إلى جبهة واحدة في وجه الإرهاب لأنه سيطول الجميع ولن يتوقف عند حدود سورية، ودمشق هي أول من دعا إلى وضع تعريف واضح للإرهاب عبر عقد مؤتمر دولي يضع الأمور في مواضعها الحقيقية وها هي اليوم تطالب بالتنسيق معها في إطار تحالف دولي دعت إليه واشنطن لمواجهة «داعش» في العراق وسورية.
لكن من يضمن عدم استهداف الولايات المتحدة وحلفائها مواقع سورية والدخول من النافذة لاحتلال أراض في سورية والضغط على دمشق لإرضاخها وإبعادها عن محور المقاومة ومعاداة الكيان الصهيوني وأدواته في المنطقة.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يجول في المنطقة تحضيرا للائتلاف الدولي العتيد.. وهنا أوضحت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي أن «أكثر من أربعين دولة ستشارك بشكل أو بآخر في هذا التحالف ضد متطرفي «الدولة الإسلامية». وأما الخطة الإستراتيجية للرئيس الأميركي باراك أوباما، لضرب «داعش»، فستكون على ثلاث مراحل وستشمل مواقع للتنظيم في سورية حسب مصادر متعددة. الخطة ستستمر 36 شهراً على الأقل وستحظى بمظلة إقليمية.
■ أولى المراحل كانت في توجيه ضربات للتنظيم في غرب العراق والتي تخطت الـ145 ضربة جوية.
■ المرحلة الثانية هي في تشكيل الحكومة العراقية وفتح الباب لتدريب وتجهيز الجيش العراقي والأكراد والقبائل السنية.
■ أما المرحلة الثالثة وهي الأصعب حسب المسؤولين فستكون في ضرب مواقع «داعش» في سورية.
المسؤولون توقعوا أن يستمر المسعى الأميركي لـ36 شهراً أي حتى بعد مغادرة أوباما الحكم في 2016. وقالوا: إن هذا التحرّك لا مهرب منه، وإن واشنطن طلبت دعماً إقليمياً من السعودية والأردن وتركيا والإمارات. كما أن وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل والجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة سيدليان بشهادتيهما يوم 16 أيلول بجلسة استماع تتناول السياسة الأميركية إزاء العراق وسورية والخطر الذي تمثله «الدولة الإسلامية». ومن المقرر أيضاً أن يدلي وزير الخارجية جون كيري بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في اليوم نفسه.
غير أن الإرهاب لم يكن وليد اللحظة، فمنذ أوجدوه ورعوه في فلسطين وهو يقتل ويدمر ويشرد.. لماذا لم تشكل الولايات المتحدة حلفا دوليا لمحاربة الإرهاب الصهيوني الذي امتد اليوم عبر روافده المتمثلة بتلك الأدوات الرخيصة من تنظيمات وحركات وأحزاب وأنظمة؟
إن السياسة الأميركية استغفلت ولا تزال مصالح شعوب المنطقة ولا تحترم عقول البشر فيها، فكيف يمكن الولاء لها والجميع يدرك أن التحالف معها سيقترن بالمصائب والدمار؟ ولعل ما قاله شاعرنا الكبير إبراهيم يازجي يختصر كل الكلام.
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب.