«رسالة حب»
قبل أن يحضر القسيس الى منزلها لاتمام مراسم زواجها الثاني استأذنت «ماندى فلانجان» من الحضور وذهبت الى غرفتها حيث جلست تكتب رسالة إلى ابنتها في عيد ميلادها، « حبيبتي سالي: بعد شهور قليلة سوف تبلغين السابعة من عمرك المديد ، ولكنني لن أكون معك هذه المرة حتى نحتفل كما فعلنا في المرات السابقة. لن أنسى أبداً يوم مولدك عندما أحضروك لي بعد الولادة مباشرة ونظرت إلى يدك ولم أصدق نفسي، فقد كان لك أصابع جميلة. كان لون وجهك يميل إلى الإصفرار ولكنه كان أجمل وجه في الكون. عندما بدأت بإرضاعك بدأت يدك الصغيرة تتحسس طريقها فوق صدري وكانت أنفاسك المتتابعة تلهب قلبي. كم أحببت فكرة أنني أم لطفلة مثلك. أتذكر دومآ تلك البطة البلاستيكية التي كنت أضعها في حوض استحمامك وأتذكر رائحة بودرة الأطفال التي كنت أضعها فوق جلدك قبل أن البسك ملابسك قطعة قطعة وكأنني أعزف معزوفة موسيقية. أصفف لك شعرك وأقرأ لك قصة قبل النوم حتى تغفين فأغطيك وأقبل جبينك، و أتأمل في وجهك الملائكي، ثم أمضي إلي نومي وأنا مشتاقة اليك، مشتاقة أن أشم شعرك وأن أشم رائحة قدميك الصغيرتين. أحضر لك طعام إفطارك، أنت التي تحبين البيض المقلي الذي أخفقه بضربات قلبي وأنا أشكر الرب على نعمته بإعطائك لي. أشتري لك الدفاتر والكتب كي نقوم بتجليدها معاً ونكتب اسمك على كل كتاب ودفتر، وأقف في فناء المنزل بانتظار الباص الأصفر الذي سوف يحضرك من المدرسة وأنا متلهفة أن أراك. أجلس معك لنشاهد على التلفزيون برنامج أفلام الكرتون الذي تتابعيه، وأستمع معك لأغانيك المفضلة وأتذكرك وأنت تبكين عندما لا تجديني بجانبك وقت بث الأغنية، وكيف كنت تعانقيني بشدة ولهفة عندما أحضر. لقد أوصيت مديرة المدرسة والمدرسات كلهم أن يعتنوا بك، وأن يغفروا لك أخطاءك، وأن ينتبهوا عليك خوفاً من باب الصف اللعين الذي قد يدفعه الهواء فيقفل على أصابعك الصغيرة النحيلة. كم كنت أفرح عندما تحضرين أصدقاءك إلى البيت للاحتفال معك، حيث كنت أعتني بهم وخاصة ذلك الولد الصغير الشقي ذا الشعر الأشقر، الذي تحبين. هل سيكون زوجك في المستقبل؟ أنا لا أعلم ولكنني أتخيلك شابة يافعة تذهب الى الجامعة وتلتقين هناك بشاب يحبك ويعتني بك. هل تذكرين كيف كنا نلتصق معاً في فراشنا أيام البرد، والثلج يتساقط في الخارج؟ أتذكرين كيف كنا نراقب الفراشات الصغيرة ونحاول الإمساك بها وهي تهبط فوق الزهور، وكيف كنا نركض معاً بين السنابل في ذلك الحقل بجانب بيتنا، وكيف كنا نشرب الماء من ذلك الينبوع البارد. أتذكرين عندما قررت أن تنامي في الحديقة لوحدك في تلك الخيمة الصغيرة التي اشتريتها لك. أريد أن أعترف لك أنني كنت خائفة عليك وأنني سهرت بجانب الشباك أراقبك طوال الليل حتى الصباح دون أن تلاحظي ذلك. كنت عندما تقفزين يقفز قلبي، وعندما تركضين يركض قلبي، وعندما تتعثرين وتسقطين يسقط قلبي. أريدك أن تعلمي أنني أحبك وسأظل أحبك إلى الأبد. لن أكون معك في عيد ميلادك السابع ولكنني أريد منك أن تكوني صلبة وقوية، وأريدك أن تعلمي أنني أحبك وسأظل أحبك إلى الأبد، والدتك ماندي».
كان حفل الزفاف بسيطا ولكنه رائعاً. ارتدت العروس ثوب زفاف أبيض مع طرحة كبيرة تغطي رأسها، أما العريس «جون كولار»، الممرض الذي تعرف على المطلقة ماندي قبل سنوات فأحبها وأحب ابنتها سالي، فقد ارتدى بذلة رسمية سوداء مع ربطة عنق طويلة وبدا بشعره الأشقر وكأنه ممثل من هوليوود. حضر حفل الزفاف ابنتها «سالي» البالغة من العمر ست سنوات. بالنسبة لوالد ماندي فقد كانت الدموع تغمر عينيه وهو يدفع الكرسي المتحرك الذي تجلس عليه ماندي حيث قام بتسليمها إلى عريسها. قبل سنين عديدة عولجت ماندي من سرطان في الثدي وتعرضت لعدة عمليات وعلاج شعاعي وكيماوي حيث تعرفت في المستشفى على عريس المستقبل «جو». قبل ثلاثة أسابيع من حفل زفافها تم إبلاغها بأنها قد وصلت إلى خط النهاية وأنها خسرت معركتها ضد السرطان.
بعد ساعتين من حفل الزفاف تم نقل ماندي إلى المستشفى حيث توفيت هناك.
كانت تلك قصة حقيقة قدمتها لكم بتصرف.