محاربة داعش في صميم مصلحتنا

دمرتني نفسانيًا صورة الجندي اللبناني علي السيد وهو ينتظر جز رقبته على يدي داعشي، منذ شاهدت شريط الفيديو، وتذكرت زميله كايد غدادة الذي لقي قبله بأيام المصير نفسه.

المشكلة أننا نشاهد ما يفعله تنظيم داعش من بربرية وقتل وجز رقاب، ونصمت عليه مثلما صمتنا عن القتل الوحشي الاسرائيلي ضد قطاع غزة، ونصمت على بشاعة القتل والارهاب في سورية والعراق وليبيا..

هكذا يستمر تهاوي الأخلاق من رؤوس أرباب المصالح السياسية في الوطن العربي، وتجتاح أوساط المسؤولين العرب وأصحاب الحل والعَقد نوبة من موت الكرامات والنواميس في مواجهة ما يحدث من قتل وتشريد وتشويه وتدمير وتفجير وارهاب وتمزيق في كل مكان.

ليس جديدًا ذلك التخاذل العربي والهوان والذل، وليس غريبًا أن يبلع الناس ألسنتهم تجاه أحداث مصيرية وحوادث تُغيِّر وجه الأرض والتاريخ، فقد جربنا ذلك في العصر الحديث، منذ احتلال فلسطين واعلان قيام الكيان الصهيوني الاستيطاني التوسعي الغاصب فوق الأرض المقدسة التي بارك الله حولها في أربعينيات القرن الماضي، وأعيدت الكَرَّة أكثر من مرة في حروب الخليج الأولى والثانية والثالثة..

بيننا؛ اساتذة اجلاء، مَن يطرح سؤالًا: ما هي مصلحتنا في الوقوف مع الغرب لمحاربة داعش ومَن على شاكلتها؟! الجواب باختصار: بل هو في صميم مصلحتنا، لأن هذا السرطان الجديد، يتمدد فوق أرضنا، ويعمل على تغيير نمط حياتنا، ويفرض تطرفه وجهله علينا.

فلقد خرج من بين احشائنا، ولم ينتجه الغرب، إنما احتضنه، ودعمه، ووضعه على خط حياتنا ليهددنا به، فمهما حاول محتكرو الخبرة والمعرفة في الحركات الاسلامية تأكيد ان هذه التنظيمات المتطرفة ليست صناعة صهيونية، فهم مخطئون، وسوف تثبت الايام، ان الاجندة الداعشية الصهيونية واحدة، مهما اختلفت ساحات الحرب، ومهما اختلفت معها الاستراتيجية الاميركية والغربية، ولنا في قصة القاعدة واسامة بن لادن افضل الامثلة، فقد صُنعت القاعدة في معامل الولايات المتحدة، وبعد ان انقلب السحر على الساحر، اصبح بن لادن عدو اميركا الاول.

لا أحد يمرر علينا أن معركة داعش ليست معركتنا، ولا يتفصحن علينا أحد بطلب الحوار مع هذا التيار، لانه أصلا لا يعترف بالحوار ولا يعترف بالآخر، ولا يعترف بإسلام أكثر من نصف المسلمين.

من يرفع الصوت ضد محاربة داعش في كل مكان، هو في الحقيقة من المؤيدين لهذه الأفعال بحجة السُّنّة والشيعة، وهو في داخله مع القتل والسحل وجز الرقاب من الوريد الى الوريد.

لنتصارح مع أنفسنا قليلًا، ونكشف عن نوايانا على الأقل أمام انفسنا، بأن صمتنا ورفضنا للتخلص من داعش واشكاله، جزء من المؤامرة علينا وعلى حياتنا المدنية.

حتى لو اضطر السلفي ابو قتادة الى تغيير اقواله التي اعلن عنها قبل يومين من سجنه بان داعش مجموعة من قطاع الطرق والقتلة، وليسوا اكثر من فقاعة، فإن هذا لن يغيـــــــر من الواقع شيئًا، فـــهم فعلا قتلة وقطاع طرق.