الغاز.. واقعية مفقودة

 

 

الخبر من مصر التي توقفت الحياة فيها لساعات متواصلة، بسبب انقطاع التيار الكهربائي والحكومة هناك عاجزة عن توفير الغاز.
تحولت مصر من بائع للغاز الى مستورد وسارعت الى عقد اتفاقين لاستيراد الغاز من البحر الأبيض المتوسط ل15 عاما، بقيمة 60 مليار دولار.
بالنسبة للأردن لا تختلف فيه الأوضاع كثيرا، باستثناء أن القدرة على توليد الكهرباء مستمرة، فيما تحول الحديث غير الرسمي عن إستيراد الغاز من الحوض ذاته الى خطوات عملية، وهناك خطب نوايا متبادلة بين شركة الكهرباء الوطنية و شركة «نوبل إنرجي» الأميركية، قد تمهد لاتفاق يسمح باستيراد الغاز الذي تسيطر عليه الأخيرة.
هذه الخطوة أثارت ردود فعل رافضة لها من حيث المبدأ، لكن إطلالة على الأوضاع الاقتصادية الحرجة ستكون كافية لتقييمها من منظور أخر أكثر واقعية، فقد مضى الوقت الذي يفترض أن تهب فيه الدول العربية الغنية لدعم دول المواجهة.
إفترضت موازنة عام 2014 استمرار تدفق الغاز المصري بمعدل 100 مليون قدم مكعب يوميا حتى العام 2015 وهو ما لم يحدث، وإفترضت كذلك إنجاز مشاريع الغاز المسال والطاقة البديلة لتخفيض ديون شركة الكهرباء الوطنية الممولة بالقروض بمقدار 600 مليون دينار وهو ما لم يحدث كذلك .
ليس هنا مجال مناقشة فشل هذه السيناريوهات، لكن يكفي التذكير هنا بضبابية المعلومات القادمة من مصر بشأن الغاز في تلك الفترة، فالمسؤولين في الحكومة ظلوا يتلقون تأكيدات من نظرائهم المصريين بأن الأمر لا يتجاوز تفجير للأنبوب لا يستدعي سوى إصلاحات لاستئناف الضخ، وهو ما لم يحدث كذلك.
افتراضات الموازنة، هي أرقام تقديرية، ولأنها مرتبطة بالتطورات والمفاجآت بمعنى أنها تحتمل النجاح بنفس درجة الفشل فستبقى في إطار التوقعات فمثلا، حصة مشروع الغاز المسال المفترض أن يرى النور نهاية السنة من خفض خسارة أو مديونية الكهرباء المقدرة لعام 2014 والبالغة 2ر1 مليار دينار 200 مليون دينار وستتكفل باقي الافتراضات بإطفاء 400 مليون دينار حتى نهاية العام القادم، وكان السؤال ماذا لو تعثرت هذه المشاريع ؟ وماذا لو انقطع الغاز المصري تماما ؟ .
البديل هو استمرار توليد الكهرباء بالوقود , واستمرار الاقتراض لتمويل خسائر شركة الكهرباء، والنتيجة زيادة المديونية بمقدار الإطفاء المتوقع وقدره 600 مليون دينار عن سقف وضعته الموازنة لاقتراض 2ر1 مليار دينار لشركة الكهرباء لهذه السنة.
التوقعات السيئة سبقت وفي ظل استقرار الأوضاع المتفائلة ستقترض الحكومة 200 مليون دينار شهريا لصالح شركة الكهرباء، والرقم تضاعف مرة بسبب توقف الغاز المصري فستحتاج لأن تقترض 200 مليون دينار إضافية لتمويل شركتي الكهرباء ومصفاة البترول
بديل تمكين الأردن من استيراد الغاز المسال بسعر رخيص سواء من قطر التي لا تزال المفاوضات معها عالقة مثلها في ذلك مثل مساهمتها في المنحة الخليجية أو من غيرها هو واحد من خيارين اثنين لا ثالث لهما، فإما الاستمرار في الاستدانة لحساب العجز، أو عكس الكلفة الحقيقية على أسعار الكهرباء بلا إستثناءات.
بقاء الأردن جامدا بانتظار عودة ضخ الغاز المصري وتوفره بات محاطا بشكوك، كمن يواجه المشكلة بالانتحار.