محمد الصبيحي يكتب : أزمة في بيت القضاء.. والهمس تحول إلى صراخ

 

 

اخبار البلد - تغيرت الدنيا خلال أشهر قليلة، فما كان يحدث همسا صار كلاما في الشارع وغدا سيكون على صفحات الصحف وأثير الانترنت وهذا ما لا يدركه السادة أعضاء المجلس القضائي، اذ ما زالوا يركنون إلى حياء رجال القضاة واحترام وسائل الإعلام بتجنب الجميع توجيه سهام النقد الحاد والحديث عن الاختلالات التي تحدث في القضاء، وبينهم من يعتقد أن كل موجة احتجاجات ليست أكثر من زوبعة في فنجان سيجري استيعابها بقليل من المجاملات والكلام الطيب.

 

عملية احتجاج قضائي واسعة النطاق ضد وزير العدل الاسبق وعدد من القوانين التي أعدتها وزارته في حينها أسفرت عن اجتماع عام يتيم دعا اليه المجلس القضائي أستمع فيه الى ممثلي القضاة الشباب وأفكارهم ومطالبهم ابتداء من تحسين ظروف التقاضي وانتهاء بتحصين القضاء ووقف كل المحاولات التشريعية والإدارية للتدخل والهيمنة على استقلال القرار القضائي، ولكن وللأسف فمنذ تاريخ ذلك الاجتماع أنقطع الحوار ليكتشف الجميع أن الرغبة في الحوار غير موجودة أساسا لدى القيادات القضائية، تبع ذلك إغلاق رئاسة المجلس لبابها وعدم تمكن القضاة من مقابلة رئيسهم ونقل معاناتهم اليه وبالنتيجة تفاقمت الازمة مرة أخرى ووصلت الاستهانة برجال القضاء الى نعتهم بعبارات غير لائقة أمام أعضاء اللجنة القانونية في مجلس النواب من قبل الرجل الثاني في محكمة التمييز فثارت ثائرة القضاة فقدم الرجل اعتذارا خطيا الى قضاة الاردن وهو منشور على موقع المجلس القضائي منذ أول أمس الاحد.

 

ما يجري الان عملية هروب من الحوار في الجهاز القضائي، وهذا أمر خطير لأن البديل نشر الغسيل، اذ تصلني يوميا عشرات الملاحظات وفيها من التظلمات ما يستدعي فتح تحقيق حول دور رئيس الحكومة السابق ووزير العدل الاسبق في احالة عدد من كبار القضاة الى التقاعد لأسباب غير بريئة، وعمليات أنتداب ونقل بعض القضاة من أماكنهم لأبعادهم عن قضايا منظورة بين أيديهم، واجراء عملية أصلاح جوهري، تصل الى تركيبة المجلس القضائي نفسه فهناك مطالبات أن تكون عضوية المجلس القضائي ممثلة لكافة فئات القضاة من محاكم الصلح الى التمييز عبر الانتخاب المباشر حتى نضمن استقلال وحصانة أعضاء المجلس وتكون القرارات بالتصويت لا بالتمرير وحسب ما يراه الرئيس.

 

لقد بات عاجلا أن يبدأ الحوار الداخلي في بيت القضاء بصورة جدية وأن يحدد القضاة الشباب رؤيتهم ومطالبهم ومن يمثلهم في الحوار حتى نتفادى مشاركة من هب ودب من خارج أسرة رجال القانون في تناول مسائل القضاء دون دراية واحترام لتقاليد القضاء وأعرافه، وبغير ذلك فان العتب مرفوع حين نكتب ويكتب آخرون في كل ما يجرى، ولن يكون الامر سارا وسيكون قطار الحوار قد فات.