استفيقي يا حكومة


يأتي ممثلو المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة الإغاثية ومندوبو المجتمع المدني حتى الممثلون العالميون ولاعبو كرة القدم والبيسبول، ليتجولوا في مخيمات اللاجئين السوريين في الاردن، ويأخذون صورا كيفما اتفق، وهم يربتون بحنان مصطنع على رأس طفل أو شيخ من سكان هذه المخيمات، ثم يركبون سياراتهم الرانج روفر ويختفون في عواصف الغبار، لتبقى المشكلة، مشكلة اللاجئين أردنية بامتياز. 
وفي المقابل، تتخم مدارسنا بالطلاب السوريين، وبعض طلابنا لا يجدون مقاعد دراسية، وتوشك مراكزنا الصحية ومستشفياتنا على الانفجار، ويزداد الضغط على بنيتنا التحتية ومقدراتنا وخصوصا الماء والكهرباء، وتتضخم مديونتنا التي قفزت حاجز العشرين ملياراً، وتصل توقعات العجز في الميزانية إلى 2,3 مليار دينار للعام الحالي. كل هذا وهذا المجتمع الدولي يراقب ويربت على رؤوس الصبية، وأحيانا بعض المسؤولين المعنيين، ولا يبدي اي استجابة معقولة للتحديات التي تواجهنا وحاجتنا إلى الدعم لكي نقوم بواجبنا تجاه اللاجئين، ولا نكلف أنفسنا أعباء فوق أعبائنا. 
المجتمع الدولي نفسه هو الذي يتحمل مسؤولية استمرار الأزمة في سوريا، وهو الذي ما فتئ يغذي الاقتتال في هذا البلد، لمصلحته الخاصة، فلماذا يدير وجهه عن نتائج ما يجري هناك، ونتحمل نحن وحدنا تبعاتها. 
ما وصل الأردن حتى الآن من مساعدات مجرد «قبض ريح» لم تحل جزءاً من المشاكل المتنامية، ولم تسند الدولة التي تستضيفهم، وتحتاج الى مقدرات للقيام بواجب الضيافة. 
والأنكى ان ثلة من مسؤولينا دأبوا على إبداء الحبور بوصول بعض المساعدات التي «لا تسمن ولا تغني من جوع»، بل تقديم الشكر «الجزيل» الى الجهات المانحة وهي تقتر علينا، وترسل أقل القليل مما هو مطلوب منها وما يحتاجه البلد. 
وكأن مسؤولونا يخجلون من وضع هذه الجهات والدول التي تقف وراءها في صورة حقيقة الوضع وما نحتاجه لكي نحقق التوازن بين الاستضافة وحاجات المواطنين التي هي بتراجع غير مسبوق. 
امس استفزني تصريح لوزير التخطيط ابراهيم سيف: الأردن يحتاج 5ر4 مليار دولار خلال الفترة من 2014- 2016 للحد من أثر اللاجئين السوريين، علما بأن هذا المبلغ «لا يكفي ثمن الماء الذي ينقل للاجئين، على مدى عامين، في بلد تشح فيه المياه وتكلف عمليات نقله الكثير». قولوها بصراحة للجهات الدولية التي تتسلى بعد معدلات فائدة مديونيتنا، والتربيت على رؤوس اللاجئين: نلتزم بالاتفاقيات الدولية ونرحب باللاجئين ولكن لدينا مواطن لا نقدر أن نهمله، ونهمل حاجاته. بكلمة آخرى استفيقوا أو استقيلوا!